شهرية ..مستقلة

هل تسقط “كارمن ” فى جامعة الدول العربية؟

0

بقلم: د. سحر صابر/ مدرس بكلية الإعلام – جامعة 6 أكتوبر

جامعة الدول العربية، ربما يذهب خاطرك نحو الجامعة التي أنشئت للتعامل مع الأزمات العربية دون جدوى، وإنما يقصد شارع «جامعة الدول العربية بالمهندسين “.

لهذا الشارع نصيب من اسمه، فيمكنك أن ترى فيه كل الوجوه العربية.. إنه عرض غير منظم للأزياء العربية.

فقط توسط حديقة الميدان بالشارع المقصود، تجول بعينيك لترى جامعة الدول العربية تجتمع كل لحظة بشعوبها في أركان هذا الميدان، هناك أكتاف الأخوة تصطدم بدلاً من أن تحتضن وكفوفهم لا تمتد للسلام.. فقط للاشارة دون كلام .

وعيونهم لا تلتقي وأنوفهم تترفع عند البعض.. ومنكسرة بطبيعة الحال عند آخرين .

تنقسم الوفود العربية في جامعة الدول العربية الى قسمين.. الأول لا يهمنا سبب مجيئه والآخر نعلم جيداً أنه جاء مستغيثاً بعد أن ألقى به ظلم النظم المستبدة لإخماد ثورات الربيع العربي .

ضيوف شارع جامعة الدول العربية من العرب ينظرون بترفع أحياناً ويأس أحياناً أخرى أو بلا مبالاة غالباً لـ «كارمن شتى» السورية التي اختلفت النظرات ذات العرق الواحد «العربي» في دوافعها، وأهدافها لكنها اتفقت في أنها لن تفيد «كارمن السورية» في شىء.. لن تساهم في حل مشكلة سيدة عربية “مكسورة الجناح”

كل ما تبقى من ملامحها الثابتة وسط تجاعيد الحزن والضعف التي غزت شبابها يؤكد أنها كانت جميلة، بل فائقة الجمال.تشردت وتشرد جمالها بيد الديكتاتورية واللاإنسانية التي تجسدت على الأرض  باسماء مختلفة ، بعد أن قتل زوجها، وأطفالها الأربع، وأباها وأختها الصغرى، في قصف اجتياح مدينة “حمص”.

وللحظ السيئ – كما تعتبره كارمن – أنها كانت من الناجين دون كامل أسرتها .

عاشت  مع أشلاء أحبائها «48 ساعة» قطع صغيرة من أشلاء بشرية تعرف تفاصيلها جيداً، جمعتها بعينين جامدتين، وشعر ناحل اقتلعت خصلاته بيديها أثناء ساعات العويل الصامت. تشابكت الخصلات الصفراء المقتلعة مع أشلاء أحبائها قبل الدفن .

انه مشهد من مشاهد الحياة ليس مشهداً من فيلم تم إخراجه ليكون فيلم رعب وإنما هكذا كان فيلما من مشهد واحد مرعب عن الموت.

  كارمن شتى.. إحدى النازحات السوريات الى مصر، وقالت: إن الموت حرمها الستر وتخلى عنها.

واليوم.. ها هى تتسول في طرقات شارع جامعة الدول، بعد أن قرصها الجوع، تحت لافتة “اختكم سورية وتحتاج المساعدة “.

حالة التسول في حد ذاتها لم تكن سبباً في حزنى خصوصاً من سيدة بدت تتسول الحياة حتى تفوز بالموت، لكن المحزن هو مرور عشرات «الدشداشات” العربية على المأساة وكأنها لم ترها، فلم يساهم أصحاب “الغترة والعقال” في رفع المعاناة عن «كارمن» البائسة التي دفعت وغيرها الكثيرات من السوريات ثمن المطالبة بالحرية لبلادهن .

افترشت «كارمن» الأرض بثيابها الرثة بعد إفاقتها من حالة إغماء سريعة، تحلق حولها المارة متسائلين بلهجاتهم المختلفة عما حل بها، وسرعان ما انفض الجمع، وذهبت لحظة الإشفاق على «كارمن» وما نالت منه الا بعض النقود التي ألقيت بين يديها .

وبينما اكتفى أصحاب «الدشداشات» بكلمات الرثاء، كان هناك «الشيطان».. رجل لم يذهب كما ذهب الآخرون..

جلس بعيداً بعض الشىء على حافة إحدى السيارات، وعيناه الطامعتان تخترقان «كارمن»…والسؤال الذي تبقى لدينا الان: هل تسقط «كارمن» في جامعة الدول العربية؟

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق