د.وليد عبد الرحيم جاب الله
العملات الافتراضية تجتاح العالم دون قيود..تتسم بالسرية ولاترتبط بدولة أو منطقة-
تخلق اطارا للتبادل التجاري بدون وسطاء..و أصحاب المعاملات التجارية يفضلونها
لاتخضع ألياتها لاشراف أو مراجعة أو رقابة من مؤسسات دولية..ولامرجعية حال اضرارها بالامن والسلم الدوليين؟–
بيئة مثالية لتسهيل عمليات الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب
لجأ الإنسان منذ بدء الخليقة إلى إشباع حاجاته بنفسه، أو بتعاونه مع أسرته أو قبيلته لتحقيق الاكتفاء الذاتي، ومع تطور الحياة وتنوع الاحتياجات البشرية ظهرت المُقايضة كأسلوب لتبادل وفي مرحلة تالية من تطور الإنسانية ظهرت النقود المعدنية للتغلب على صعوبات المُقايضة، فقام الحُكام بسكها وإصدارها لتسهيل التبادل التجاري بين الناس، وفي تطور أخر ظهرت النقود الورقية التي لها غطاء ذهبي، ومع تطور الحياة الاقتصادية، توالت عمليات تطوير وخلق النقود فظهرت النقود الائتمانية التي تقل قيمتها عما يُغطيها من ذهب، ونقود الثقة التي لا ترتبط بغطاء ذهبي، وإنما تكتسب قوتها من قوة اقتصاد الدولة المُصدرة لها واستقرارها، ونقود الودائع التي يمكن سحبها بواسطة شيكات وبطاقات الائتمان، وقد تنوعت إصدارات بطاقات النقود الإلكترونية المستندة إلى عملة حقيقية من خلال بطاقات الائتمان (الفيزا كارت) المختلفة لتنتهي رحلة تطور النقود في محطة النقود الرقمية الجديدة التي أشهرها ما يطلق عليها “البيتكوين”؟
وإذا كانت بطاقات الائتمان هي نقود إلكترونية تصدر من بنوك نظامية وتستند إلى نقود حقيقية، فقد انطلق خيال مبرمجي الأنترنت إلى اختراع النقود الرقمية الجديدة التي تصدر بعيداً عن التنظيم الحكومي لتكون مقبولة في مجال التبادل التجاري عبر متاجر الأنتر نت، وقد ظهرت مُحاولات عديدة لذلك خلال فترة التسعينات، إلى أن تصدى مُبرمج كمبيوتر مجهول أطلق على نفسه اسم “ساتوشي ناكاموتو” لاختراع عملة البيتكوين الافتراضية التي تخرج عن التنظيم، والإشراف الحكومي؟!
وإذا كانت بطاقات الائتمان هي نقود إلكترونية تصدر من بنوك نظامية وتستند إلى نقود حقيقية، فقد انطلق خيال مبرمجي الأنترنت إلى اختراع النقود الرقمية الجديدة التي تصدر بعيداً عن التنظيم الحكومي لتكون مقبولة في مجال التبادل التجاري عبر متاجر الأنتر نت، وقد ظهرت مُحاولات عديدة لذلك خلال فترة التسعينات، إلى أن تصدى مُبرمج كمبيوتر مجهول أطلق على نفسه اسم “ساتوشي ناكاموتو” لاختراع عملة البيتكوين الافتراضية التي تخرج عن التنظيم، والإشراف الحكومي؟!
بداية جديدة
والبيتكوين عملة وهمية افتراضية مُشفرة، تُعتبر بداية لمرحلة جديدة من تطور العملات، حيث ظهرت لتُناسب الحركة المالية والتجارية عبر الإنترنت، دون أن يكون لها وجود مادي حتى الأن، فهي عبارة عن أكواد تُمثل معيار للقيمة ووسيط في التعامل عبر الإنترنت من خلال البنوك الإلكترونية، وهي ليست العملة الافتراضية الوحيدة وإنما هي الأشهر بين مئات العملات الافتراضية مثل ( ليتكوين، والإيثريوم، والريبل، ونوفاكوين، ونيموكوين، وبيركوين، وغيرها) وجميعها لا تصدر من هيئات حكومية، وتخرج عن سيطرة البنوك المركزية، ولعل شهرة البيتكوين ترجع إلى كونها الأكثر قبولا لدي العديد من المتاجر الإلكترونية، والأكثر قدرة على إعادة تحويلها لعملة تقليدية ببيعها إلى من يشتريها بما يعادلها من عملات تقليدية.
ويستطيع الشخص الحصول على البيتكوين، إما بالشراء، أو عن طريق عملية يُطلق عليها التعدين، الذي يُقصد به طريقة إنتاج البيتكوين، ويتم ذلك من خلال مجموعة من الأجهزة التي تقوم بفك شيفرات معينة بشكل مُعقد تكون نتيجتها إصدار البيتكوين، والأمر هنا يحتاج لأجهزة قوية حتى تستطيع التعامل مع تلك الشيفرات التي تزداد صعوباتها تدريجياً، وقد بدأ الأمر بإمكانية هذه الأجهزة الحصول على مكافأة قدرها 50 بيتكوين عن كل كتلة شيفرات يتم حلها، ثم توالى تخفيض تلك المكافأة عن طريق زيادة صعوبات حل الشيفرات، حتى أنها ستصل في يوم من الأيام إلى قدر ضئيل جدا من البيتكوين، ويحصل المُعدنين على ذلك نظير ما قاموا به من إنفاق في شراء الأجهزة، وتهيئة المكان المناسب لها، والقيام بتشغيلها، وسداد ما تستهلكه من طاقة كهربائية كبيرة، وتحمل ما يصدر عنها من ضجيج، ليتم بعد ذلك حفظ ما يصدر عن الأجهزة من بتكوين في محفظة إلكترونية، وتسجيل الإصدار في سجل عام يُسجل جميع عمليات التعدين منذ بداية بيتكوين لتدخل بعد ذلك سوق التداول الإلكتروني حيث تكون هناك إمكانية لاستبدالها بعملات ومنتجات أخرى، وتُشير تقديرات لجامعة كامبريدج إلى وجود نحو ستة ملايين مُستخدم يستعمل العملات الرقمية في عام 2007م مُعظمهم يستخدمون البيتكوين، وتتجه أعدادهم للزيادة.
أزمة ثقة
كانت قيمة البيتكوين زهيدة جداً في بداية ظهورها في التسعينات وكان نطاق انتشارها ضيق جداً لعدم قناعة مؤسسات النقد العالمية بها، سيما وأن أليات البيتكوين يمكن أن تفتح الطريق لتأسيس نظام نقدي جديد يعتمد على التعامل المباشر بين المُستخدمين دون وسيط، ويؤسس للوصول إلى تغيير قواعد تنظيم الاقتصاد العالمي، وظلت بيتكوين تعاني بطء خطوات انتشارها إلى أن حدثت الأزمة المالية العالمية عام 2007/2008 م،والتي أطلق عليها أزمة الرهن العقاري بسبب انطلاق البنوك الأمريكية والأوروبية في إقراض ذوي الدخل المحدود مبالغ باهظة من أجل شراء المنازل التي كان الارتفاع المتتالي لأسعارها يُخفي صعوبات سداد أقساطها، حيث يتوالى بيع وشراء المنازل بأسعار متصاعدة وبقروض مُتتالية وهي عملية أطلق عليها التوريق، إلا أنه مع الوصول إلى حد لم يستطع فيه قطاع كبير من أصحاب المنازل سداد الأقساط حدث انهيار في أسعارها، ولم تستطع شركات التأمين تغطية ذلك الخطر، كما لم تستطع البنوك تحمل تلك الخسائر فحدثت حالة من السقوط المتتالي والسريع للمؤسسات النقدية من بنوك وشركات تأمين وغيرها، وبدأ تدخل الحكومة الأمريكية بخطة إصلاح سارت على نهجها الحكومات الأوروبية، ورغم النجاح النسبي في الحد من الانهيار إلا أنه حدثت حالة من انعدام الثقة في الصورة الحالية من النظام الرأسمالي، ومؤسساته، وإدارته المالية والنقدية، ولم تنجح المؤسسات العالمية في العودة بالاقتصاد العالمي لما قبل تلك الأزمة حتى الأن.
وقد اكتسبت بيتكوين المزيد من القوة، بقدر تراجع الثقة في المؤسسات المالية العالمية منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008م، واتسع نطاق قبولها بمرور السنوات مدعوماً بحالة عدم الاستقرار السياسي والركود الاقتصادي الذي أصاب العالم منذ تلك الأزمة، حيث تراجعت الثقة في العملات التقليدية التي تُصدرها الحكومات لصالح العملات الافتراضية والتي من أهمها عملة بيتكوين مما أدى إلى ارتفاع أسعارها بصورة قياسية في ظل تزايد رغبة الكثيرين في التخلص من عملاتهم التقليدية خشية فقدانها لقيمتها، واللجوء للعملات الافتراضية المُتزايدة قيمتها منذ إصدارها ،والتي يتسع نطاق قبولها مع الأيام ودخول المُضاربين كقوة طلب إضافية تدعم هذه العملة وتدفع نحو رفع قيمتها.
بيئة مثالية
وتقييماً للبيتكوين ومثيلاتها من العملات الافتراضيةنجد أن أهم مزايا هذه العملات يتمثل في انتشار نطاقها ليُغطي العالم دون قيود، وبأنها غير مرتبطة بدولة أو منطقة مُعينة، كما أنها تتسم بالسرية، وانخفاض النفقات، وهو ما يفضله أصحاب المُعاملات التجارية، سيما وأنها تخلق إطار تبادل تجاري مباشر دون وسطاء، وفي المُقابل نجد أن تلك السمات بمثابة بيئة مثالية لتسهيل عمليات الفساد، وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، كما أنها تُفقد الحكومات قدرتها على إدارة الاقتصاد، وتحصيل المواد، حيث لا يوجد أي إشراف، أو رقابة حكومية، أو مُراجعة من مؤسسات دولية على آليات البيتكوين ومثيلاتها من العملات الافتراضية، كما لا توجد جهة يمكن الرجوع عليها حال إضرارها بالأمن والسلم الدوليين.
كما أن المشكلة الحقيقية التي تُسببها بيتكوين، ومثيلاتها، تتمثل في أنها لازالت لم تصل إلى مرحلة النُضج مما يؤثر على صلاحيتها في القيام بوظائف النقود بصورة كاملة، حيث أن المتاجر والقطاعات التي تقبل التعامل بها لازالت محدودة مُقارنة بحجم التجارة العالمية، وذلك يعني أن تزايد الطلب عليها يستهدف المُضاربة أكثر من استهدافه استخدامها في التبادل التجاري، ذلك الأمر الذي يمكن أن يخلق فقاعة تجارية تؤدي لانهيار قيمتها، وهو ما يعني خطورة استخدام هذه العملة كمخزن للاحتفاظ بالثروة باعتبار أن الاحتفاظ بها على المدى المتوسط أو الطويل يُعرض صاحبة لمخاطر انهيار سعرها وفقدان ثروته في حالة انسحاب المُضاربين عليها، أو التدخل الحكومي لمُحاربتها، أو حدوث تطور لقُدرات الهاكرز بصورة تؤدي للسطو الإلكتروني، أو السيطرة على منظومتها كاملة، وهنا لن يجد الشخص من يلجأ إليه لاستعادة حقة في ظل خروج هذه العملة من السيطرة والإشراف الحكومي، والتنظيم المؤسسي العالمي الذي لازال يقف أمامها حائراً.
الاتجاهات السبعة؟
على مستوى العالم نجد أن جميع الدول والمؤسسات الدولية تُدرك أن البيتكوين، ومثيلاتها من العملات الرقمية لازالت في مرحلة البناء والتطور لذا نجد أن كل دولة تُحاول التعامل معها بما يُحقق مصالحها حتى وإن كان ذلك يتضمن تناقض في التعامل مع البيتكوين بين مؤسسات الدولة الواحدة، فمع التسليم بوجود بيتكوين يُمكن أن نرصد حالة دولية من التردد، والقلق، والخوف من أن يسبق الأخرون الى الاستفادة منها، مما يخلق حالة من الانتهازية المالية لبعض الدول، ليختلف التعامل على حسب مصلحة كل دولة إلى عدة اتجاهات:الاتجاه الأول، هو السماح بالتعامل بالبيتكوين والإقرار بوجودها كعملة مُعترف بها، وهو ما اتخذته دول مثل سويسرا التي تُعد مركز المال الأول عالمياُ، حيث أقرت الحكومة التعامل بالبيتكوين كوسيلة للدفع للعديد من الرسوم والخدمات، وسمحت لشركات الخدمات المالية بالتحويل من البيتكوين للفرانك، مما يجعلها قبلة لتحويل الأموال إليها عبر تحويلها إلى بيتكوين ثم تحويل البتكوين لفرانك في سويسرا والإيداع في بنوكها.
الاتجاه الثاني، هو عدم الاعتراف بالبيتكوين بل ومنع التعامل بها نهائيا وإصدار تشريعات للحد من استخدامها، وهو ما اتخذته دول مثل الهند، وبنجلاديش، وبوليفيا، وإكوادور وغيرها.
الاتجاه الثالث، هو ازدواجية التعامل مع البيتكوين، وتأخذ به دول مثل، مثل ألمانياً، التي حرصت الحكومة على الاعتراف بها في مجال فرض الضرائب بينما حذرت هيئة الرقابة المالية والبنك المركزي من التعامل بها نهائياً، وفي أمريكا، اعترفت بورصة شيكاغو بالبيتكوين وهي التي تُعد من أكبر الكيانات التي تتعامل في المشتقات المالية، بينما رفضتها كافة البنوك والكيانات المالية، واعتبرها بعضهم أنها بمثابة خدعة ستنهي قريباً.
الاتجاه الرابع، هو دراسة إصدار عملات رقمية وطنية تنافس البيتكوين تحل محلها، بحيث تصدر تلك العملات الجديدة من البنوك االمركزية الحكومية، وهو ما تدرسه دول مثل بريطانيا، وروسيا، وكندا، وهولند، وكوريا الجنوبية، وأوكرانيا، بينما نجد أن دبي بالإمارات العربية المُتحدة قد سبقت وأطلقت بالفعل عملتها الرقمية الأولى باسم emCash بحيث تستخدم تلك العملة في سداد قيمة الخدمات الحكومية وغير الحكومية.
الإتجاه الخامس، هو التراجع عن السماح بنشاط البيتكوين، وهو ما قامت به دول مثل الصين، فبعد تحقيق الصين لمصالح اقتصادية هائلة من سماحها بعمل البيتكوين، وامتلاكها نحو23% من سوق التداول بها عالمياً بقيمة تُجاوز 150 مليار دولار أمريكي، نجد أنها قامت بتوجيه ضربة قاصمة لها هوت بقيمتها إلى أدنى المستويات بفعل استهلال عام 2018 م بتصريحات صينية أوصى فيها بنك الشعب الصيني بإغلاق كافة المواقع الإلكترونية ومنصات تداول البيتكوين وغيرها من العملات الرقمية الموجودة داخل الصين، وحجب الخارجي منها، وإزالة التطبيقات ذات الصلة بها من متاجر التطبيقات، مُستهدفة تحقيق حسابات تجارية واقتصادية، ورغبة في إعادة تنظيم مجالها بما يُحقق مصالحها.
الاتجاه السادس، هو تقديم حوافز للتعامل مع البيتكوين، وهو ما قامت به بيلا روسيا التي تُخطط لأن تكون مركزاً إقليمياً لتداول بيتكوين وغيرها من العملات الرقمية، حيث استهلت عام 2018 م بمرسوم رئاسي يُشجع التعامل بالبتكوين ومثيلاتها من العملات الرقمية ولا يفرض أي قيود على ما يرتبط بها من إنشاء وحفظ ونقل وتبادل الرموز وعمليات البورصات والمنصات المشفرة، ولا يعتبر أنشطة الأشخاص في هذا المجال عملاً تجارياً ويمنحهم إعفاء من جميع الضرائب والرسوم حتى عام 2023م.
الاتجاه السابع، وهو ما قامت به اليابان بإصدار تشريع يُنظم عمل البيتكوين، حيث قامت الحكومة اليابانية بسن قوانين جديدة لهيكلة القطاع المالي ونظامه الضريبي، للاعتراف بالبيتكوين، ومثيلاتها من العملات الرقمية والسماح بالتعامل بها مع فرض معايير تتعلق بحماية المستخدمين وتحسين أنظمة الأمان والحماية التي تستخدمها الشركات المزودة لخدمات استخدام وتداول بيتكوين بالإضافة لوجوب إفصاح هذه الشركات عن مُعظم المعلومات المتعلقة بالعمولات والرسوم التي تفرضها نظير استعمال خدماتها، والإدلاء بجميع التفاصيل المتعلقة بها كعنوان الشركة وبيانات العاملين بها وكفاءتهم، وسائل الاتصال بها، ورخص التسجيل، وغيرها من البيانات التي تساهم في تحقيق أكبر قدر من تأمين هذه التعاملات، وتبتعد بها عن الأغراض غير المشروعة.
مرحلة المخاض
وهكذا… ووسط هذا الزخم الدولي الكبير في مجال التعامل مع البيتكوين ومثيلاتها من العملات الرقمية التي تجاوز عددها 1000 عملة رقمية بقيمة تًجاوز 700 مليار دولار، يظهر جلياً أن عجلة الزمن لن تعود إلى الوراء، وأن ما يحدث حالياً هو بمثابة مرحلة مخاض لتطور جديد للنقود يؤسس لنظام نقدي جديد، وربما نجد في القريب العاجل إصدار بعض التكتلات الاقتصادية عملات رقمية موحدة، أو أن يُطور صندوق النقد والبنك الدوليين من آلياتهما ويندمج في المستقبل باعتماد بيتكوين كعملة رسمية، أو أن يُصدر عملة رقمية جديدة تفتح الطريق لوجود عملة عالمية موحدة، بعد أن فشلت في ذلك العملات التقليدية مما يُغير من أليات النظام النقدي العالمي بصورة كاملة.
مستقبل مجهول؟
وفي مصر كان من نتاج تردي الأوضاع الاقتصادية بعد يناير 2011 م أن دعا بعض الباحثين للنظر للبيتكوين كعملة يُمكن أن يكون لها دور في تمويل التنمية، وقد تم تداول أخبار عن إعداد البنك المركزي لدراسة حول إمكانية تداول العملات الافتراضية والتي من أهمها البيتوكين والاعتراف بها كمُنتج مالي في المعاملات المصرفية، إلا أن البنك المركزي نفى ذلك تماماً، وتعامل مع قضية الإصلاح المالي بالطرق التقليدية بالتعاون مع مؤسسات صندوق النقد والبنك الدوليين، ومع نجاح عملية الإصلاح المالي تم القضاء على سوق المضاربة الدولارية بعد تحرير سعر الصرف مما أدى إلى تحول جانب من المُضاربين على الدولار نحو شراء البيتكوين من أجل المضاربة عليها في ظل الارتفاع المتصاعد لقيمتها، وقد أكد البنك المركزي عدم اعترافه بالتعامل بتلك العملة نهائياً وأعلن أنه لا يتعامل إلا مع العملات الرسمية فقط ولا يتعامل مع العملات الافتراضية على الإطلاق مما يعني أن التعامل بالبيتكوين في مصر حتى هذه اللحظة بمثابة مغامرة ومسؤولية شخصية لمن يقوم بذلك ولن يجد من يدعمه أو يتعامل مع ثمة مشكلات تواجه هذه العملة مستقبلا، حيث يضع ثروته عرضه لمستقبل مجهول لتلك العملة، وسط حالة عدم الاستقرار الدولي على الشكل النهائي لتنظيم مستقبل البيتكوين ومثيلاتها من العملات الرقمية.د؟
وماذا بعد؟
وفي ضوء ما سبق عرضه ،نجد أن العملات قد مرت بالعديد من التطورات، والانتقال من تنظيم لأخر، وفي هذه المرحلة يقف الاقتصاد العالمي مترقباً ما سوف تستقر علية أليات العملات الرقمية، حيث تُعتبر بيتكوين بمثابة النموذج القائد الذي سيكون له تأثيره الكبير في مستقبل العملات الرقمية، وتعكف العديد من المؤسسات المالية العالمية حالياً على دراسة هذا الملف لمُحاولة الوصول إلى إطار تنظيمي يحكم مجال العُملات الرقمية التي تتزايد أعدادها بصورة كبيرة، ومع أن ذلك ربما يكون له أثر اقتصادي إيجابي إذا تم اعتبارها نوع جديد من المُشتقات المالية، إلا أنه لازالت هناك عشرات من الأسئلة التي تحتاج لإجابات حتى يتسنى وضع نموذج يُمكن الاتفاق عليه دولياً لتنظيم العملات الرقمية التي تتطور وتتزايد أنواعها وتتغير ألياتها بصورة أسرع من مُحاولات تنظيمها أو السيطرة عليها، وبالتالي، وأمام عدم وضوح الرؤية المستقبلية للبيتكوين وغيرها من العملات الرقمية تكون الرسالة للأفراد هي أنه لازال امتلاك بيتكوين ومثيلاتها من العملات الرقمية بمثابة مُغامرة، ومسؤولية شخصية لمن يقوم بذلك ولن يجد من يدعمه أو يتعامل مع ثمة مشكلات تواجه هذه العملة مستقبلا، حيث يضع ثروته عرضه لتجارب بعض المطورين المجهولين، ورغبة من بعض الدول في الاستفادة القصوى من التقلبات التنظيمية والابتكارية التي تحكم هذه المرحلة الانتقالية من عمر العملات الرقمية، أما بالنسبة للسلطات النقدية المصرية فإننا ندعوها إلى متابعة التطورات العالمية للتعامل مع البيتكوين، ومثيلاتها من العملات الرقمية، ودراسة التشريعات التي تُصدرها الدول لهذا الشأن حتى نستطيع اختيار اللحظة المناسبة والطريقة الصحيحة للتعاطي مع العملات الرقمية بالتعاون مع الشركاء في التكتلات الاقتصادية، والمؤسسات الدولية.