سلطنة عمان الى أين بعد السلطان قابوس …سلطان الخير والنماء للشعب العماني..قائد النهضة التي نقلت عمان الى دولة حديثة ؟
فالحديث عن خمسين عاما من البناء والتنمية لسلطنة عمان منذ توليه السلطة في الثالث والعشرين من يوليو 1970م تم خلالها بناء دولة عصرية ..دولة متقدمة اقتصاديا رغم محدودية الموارد ودولة سياحية تمتد شواطئها 1700 كم وفيها الطبيعة الخلابة في الولايات العمانية ومحافظة ظفار.
كان قابوس حاكما مرتبطا بشعبه، يرحل سنويا الى الولايات العمانية للقاء مواطنيه على ارض الواقع ويتابع بنفسه المشروعات التنموية التي تتم ،ويستجيب لشكاوى المواطنين ويأمر بحلها ،ويقوم بجولات ليلية لمتابعة الحالة على الطبيعة ،كان مهتما بالثقافة والتراث الإسلامي ودعم نشر التراث الإسلامي والثقافة العمانية ،ويسمح بإقامة الحفلات الثقافية والفرق الفنية واقام مجمعا للتراث العماني والإسلامي .
أنشأ أول اوبرا في السلطنة والخليج، والمراكز والأندية الرياضية والثقافية والفنية ،حتى المباني كان مهتما باقامتها على العمارة الإسلامية، إضافة للمهرجانات الثقافية والفنية واحياء التاريخ العماني ،واهتمام السلطنة بالثروة السمكية حيث أقيمت العديد من المصانع التي تصدر انتاجها الى الخارج ،إضافة للمناطق الصناعية وإستغلال النحاس وصناعات مواد البناء وغيرها من الصناعات .
وعلى المستوى السياسي،جعل للسلطنة سياسة متفردة في منطقة تشهد صراعات كبيرة ،فالحياد كان دبلوماسية السلطنة حيث نأى ببلاده عن الدخول في أي صراعات لذا احتفظت السلطنة بعلاقات متوازنة وقوية مع كافة دول العالم بما فيها دول الخليج العربية ،إضافة للمشاركة في رأب الصدع بين الدول المجاورة من خلال الحوار السلمي.
واحتفظ قابوس بعلاقات قوية مع مصر منذ توليه السلطة، فهو على قناعة بأن مصر تمثل الثقل العربي والدولي ،لذا واصل دعم العلاقات معها رافضا قطع العلاقات معها بعد كامب ديفيد عندما قطعت كافة الدول العربية علاقاتها مع مصر باستثناء السودان وعمان ،كما أنه كان من المؤيدين بقوة لثورة الثلاثين من يونيو مشيرا الى ضرورة دعم مصر لمواجهة ماحدث فيها من ازمة اقتصادية تسبب فيها حكم الاخوان الإرهابي ،وكانت الزيارة التي قام بها الرئيس السيسي للسلطنة أكبر تعبير عن عمق العلاقات بين البلدين الشقيقين حيث استقبل السلطان قابوس الرئيس السيسي رغم شدة ما يعانيه من المرض ،كما أنه كان وراء العلاقات القوية بين الشعبين الشقيقين وما يغلفها من محبة واخوة صادقة .
إنجازات السلطان قابوس في بلاده على المستويين الدولي والعربي تحتاج الى ألاف الصفحات على كل المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ما جعله يحتفظ بحب المصريين وتقديرهم العميقين لشخصه.
ولم يترك السلطان الراحل بلاده تعيش حالة من الفراغ أو تعاني من مشاكل وشقاق داخل الاسرة المالكة ،لذا كان اختياره الثاقب في وصيته لابن عمه السلطان هيثم بن طارق أل سعيد الذي كان قد أعده في صمت لتولي مسئولية الحكم من بعده منذ الحاقه وكيلا لوزارة الخارجية للشئون السياسية معطيا إياه أدوارا مهمة في العلاقات الخارجية والقضايا السياسية الإقليمية والدولية والمحلية أيضا،وتكوين شبكة واسعة من العلاقات على كل المستويات السياسية في العالم، ثم كلفه بمسئولية وزارة التراث والثقافة ،والتي تعد واحدة من اهم الوزارات العمانية حيث يأخذ من التاريخ المجيد لبناء الحاضر والمستقبل على أساس من القيم الإسلامية العمانية الاصيلة ،كما عينه رئيسا للجنة المعنية بوضع رؤية المستقبل للسلطنة خلال العشرين عاما القادمة.وكيف ستكون على كافة المستويات الشعبية والاقتصادية والثقافية .
ولعل تولي هيثم بن طارق خلال ثمانينات القرن الماضي لرئاسة اتحاد الكرة العماني جعله أكثر التصاقا مع الشباب العماني ،كما كانت الرؤية الثاقبة للسلطان الراحل أيضا بتولية هيثم بن طارق لما يتمتع به من حكمة وهدوء وحب لبلاده وشعبه وبساطته في التعامل مع مواطنيه وقدرته على التفاعل معهم والسعي لتوطين الوظائف لاستيعاب العمالة الوطنية العمانية ،والاستعانة فقط بكبار الخبراء في مختلف المجالات عند الضرورة ،مع قدرته على دفع النشاط الاقتصادي والتوسع في التصنيع والاستغلال الأمثل للثروات العمانية، إضافة لتطوير الزراعة بقدرته على إقامة علاقات دولية متوازنة وتعميق العلاقات العربية العمانية.
ولاشك أن الصفات التي يتمتع بها السلطان هيثم بن طارق تجعله يسير على خطى السلطان الراحل في كل المجالات خلال المرحلة القادمة ،وسوف يسعى لعلاقات أكثر عمقا مع مصر بما يعكس طبيعتها التاريخية منذ قديم الازل ،إضافة لحب الشعب المصري للسلطنة وشعبها الشقيق .
اعتقد بأن سلطنة عمان بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق ستكون أقرب لمصر دائما في كافة المواقف السياسية والاقتصادية ،لذا فلن تشهد سياستها تغييرا كبيرا على المستويين الإقليمي والدولي بل ستفتح أفاقا جديدة للتعاون مع مختلف دول العالم ،كما ستتواصل النهضة العمانية على ضوء ما حدث من تطوير كبير في العملية التعليمية من خلال انتشار المدارس والجامعات والمعاهد ،ودخول السلطنة الى المجتمع الرقمي ..ومزيد من الهيكلة لمفاصل الدولة العمانية.
الموضوع التالي