شهرية ..مستقلة

ساعة النهاية تدق منذ الولادة وايقافها في يد التيلومير

تحقيق دكتور ضاحي النجار

0

كلمة ” تيلومير ” مأخوذ من الكلمة اليونانية  Telos المرادفة لكلمة  نهاية ” end” ، ومن كلمة meros  المرادفة لكلمة ” جزء ” Part .

“التيلومير” إذن هى ” القطعة الطرفية ” التى توجد عند طرفى كل كروموزوم . ويحلو للبعض تمثيل التيلومير بالحلقة المعدنية الصغيرة التى تثبت عند طرف الحذاء لتحميه من التلف ،فالتيلومير يحمى كذلك طرف الكروموزوم ويصونه من الأذى .

نجح العلماء بعدها فى تحديد التركيب الدقيق للتيلوميرات لدى الإنسان والكثير من الحيوانات والنباتات بل ولدى الميكروبات.

وعلى سبيل المثال تحتوى” القطعة الطرفية ” لكروموزوم الإنسان على  نصف شفرة  بلا معنى من “كلمة ” مكونة من تتابع هو TTAGGG ، متكررة ألفى مرة ،الا أن أحداً ممن ساهم فى التعرف على هذا التركيب لا يتخيل مطلقاً أن هذا اللغو الممل الذى يبدو بلا معنى يمكن أن يعبر بدقة عن ساعة الشيخوخة التى تؤرق الإنسان . ولنبدأ القصة من بدايتها ..

……

شيخوخة الأبدان

لاحظ البيولوجيون منذ زمن إن الإنزيمات التى تقوم بمضاعفة الd n a  أثناء عملية الانقسام الخلوى لا تستطيع نسخ الكروموزومات الطولية على مدى طولها حتى الأطراف، بل إنها تترك دوماً فى كل دورة تضاعف منطقة صغيرة عند النهاية – قطعة من التيلومير- من دون نسخ .

ثم ماذا؟ يحدث حقاً فى كل مرة ينسخ فيها الكروموزوم نفسه أن يحذف جزء من التيلومير؟

هذا صحيح .. وهو يعنى ببساطة أن التيلومير لابد أن يتآكل مع توالى السنين وعمليات الانقسام ،وبالتدريج يقل فى أجسامنا طوله بمعدل يقارب واحداً وثلاثين “حرفاً” فى العام ،وأكثر من ذلك فى بعض الأنسجة،على أن المهم هو أن التيلوميرات بمجرد أن “تتقاصر” إلى درجة معينة فإن أحداثاً مأساوية ستحدث بالخلية يكون من شأنها إيقاف الانقسام الخلوى تماماً ومن ثم تبدأ الدخول فى طور الشيخوخة والانهيار!!

أصبح واضحاً الآن أن تقاصر التيلومير هو السبب الفعال فى إصابة الخلايا بالشيخوخة وموتها ، ولكن هل هذا هو السبب فى شيخوخة الأبدان ؟

مؤشرات علمية تدعم على نحو أو آخر هذا الرأى وتوثقه. فالسلاحف مثلا تعمر أطول من الإنسان ـ لأنها تمتلك تيلوميرات أطول مما لدينا بكثير ،كما أن هناك مؤشرا أخر يتمثل بالفروق الفردية فى طول العمر بين إنسان وأخر .. فهذه أيضاً تشير إلى وجود فروق فى أطوال التيلومير.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق