جائزة للإبداع الثقافي العربي والعماني قيمتها 125 ألف دولار للفائز الواحد
صاحب مشروع “معجم أسماء العرب” الذي يعالج 18 ألف اسما من نواحٍ إحصائية ولغوية واجتماعية وتاريخية
اسم “محمد” أول الأسماء المائة الأكثر شيوعاً بين الرجال..و”أمل” في مقدمة الأسماء المائة المنتشرة بين النساء العربيات
سلسلة من “الكراسي الجامعية” المعنية باللغة العربية وثقافتها الإسلامية في جامعات شهيرة حول العالم
سلسلة من المؤتمرات والندوات لتعميق مفهوم التعايش والتسامح ..وترسيخ مبادئ احترام الحريات الدينية
كراسي علمية في الجامعات الدولية تنشر المفهوم الحقيقي للدين الإسلامي
يدعو للسلام والتعايش السلمي ..و نهجه الثابت يرفض التعصب الديني والطائفي
خصص يخته الخاص للمشاركة في المشروع الحضاري لمنظمة اليونسكو من أجل إعادة اكتشاف طريق الحرير
منذ اليوم الأول لوجودي في سلطنة عمان، الثامن والعشرين من أكتوبر 1987م، لفت انتباهي مشهد يتكرر في التلفزيون العماني عند نهاية برامجه وقبيل اختتامها، حيث كان حريصاً على تقديم فقرات من الموسيقى الكلاسيكية العربية والأجنبية على حد سواء مختتماً بها برامجه اليومية، وهي في مجملها تشكل أرقى المعزوفات العربية والعالمية التي تتنوع غالباً ما بين سيمفونيات بتهوفن الشهيرة ومقطوعات فرقة الموسيقى العربية.
قادني الفضول إلى الاتجاه بالسؤال عن السبب وراء الإذاعة اليومية لنوعية كهذه من المقطوعات الموسيقية المتنوعة، فعلمت حينها أن السلطان الراحل قابوس بن سعيد عاشق للموسيقى بل وأنه أحياناً يمارس العزف بنفسه كلما سنحت له الظروف، وأدركت لاحقاً بأن تلك واحدة من الرسائل الهامة التي يستهدف من ورائها الارتقاء بالذوق العماني العام… لكنها لم تكن الوحيدة؟
كان هو الذي أمر بإنشاء الأوركسترا السيمفونية السلطانية العمانية قبل خمسة وثلاثين عاماً، وهو الذي وجّه بإنشاء جمعية “هواة العود” التابعة للديوان السلطاني، وهو الذي أمر بإنشاء مركز عمان للموسيقى التقليدية الذي يضم أرشيفاً نادراً “مسموعاً ومرئياً ومقروءاً” للفنون الشعبية العمانية التقليدية، وأخيراً كانت دار الأوبرا السطانية في مسقط الأولى من نوعها في منطقة الخليج التي رعى حفل افتتاحها شخصياً قبل ما يقرب من عشر سنوات.
وحين تعدّدت المساجد التي أراها تحمل اسمه علمت بأنه أيضاً يعشق إنشاء المساجد والجوامع على نفقته الخاصة، والتي كان أبرزها جامع السلطان قابوس الأكبر الذي يعدّ تحفة معمارية ومزاراً سياحياً وقلعة للثقافة والعلوم الإسلامية.
وكان هو الحريص على تخصيص جائزة تحمل اسمه للإبداع الثقافي تشمل الشعر والرواية والقصة والنص المسرحي والتصوير والرسم والنحت قيمتها 125 ألف دولار أميركي لكل فائز، وهو الذي خصص جائزة عالمية للبيئة وأخرى خليجية وثالثة عمانية، وهو صاحب المشروع الأضخم ثقافياً الذي ينقسم إلى جزأين أحدهما “معجم أسماء العرب” الذي يعالج ثمانية عشر ألف اسم من نواحٍ إحصائية ولغوية واجتماعية وتاريخية، والثاني”سجل أسماء العرب” الذي يتناول الأسماء من حيث أصولها، والتي كان من أهم ما كشفت عنه أن اسم “محمد” جاء أول الأسماء المائة الأكثر شيوعاً بين الرجال، واسم “أمل” في مقدمة الأسماء المائة المنتشرة بين النساء العربيات، وهو الذي تبنّى سلسلة من “الكراسي الجامعية” المعنية باللغة العربية وثقافتها الإسلامية في عدة جامعات شهيرة حول العالم تمتد من الصين شرقاً إلى الولايات المتحدة غرباً، وهو الذي بارك سلسلة من المؤتمرات والندوات من أجل تعميق مفهوم التعايش والتسامح الذي أصبح حاجة كونية ملحة سعياً لترسيخ مبادئ احترام الحريات الدينية وزيادة التواصل مع الآخر، وكانت مراكز “الحوار مع الديانات والمذاهب المختلفة” وإنشاء الكراسي العلمية في الجامعات الدولية التي تنشر المفهوم الحقيقي للدين الإسلامي كونه ديناً يدعو للسلام والتعايش السلمي بما يشير إلى نهجه الثابت الرافض للتعصب الديني والطائفي، فهو القائل بأن الفكر متى ما كان متعدداً ومنفتحاً لا يشوبه التعصب كان أقدر على أن يكون الأرضية الصحيحة والسليمة لبناء الأجيال ورقيّ الأوطان وتقدّم المجتمعات، وهو الذي خصص يخته الخاص (فلك السلامة) للمشاركة في المشروع الحضاري الكبير لمنظمة اليونسكو من أجل إعادة اكتشاف”طريق الحرير” تعزيزاً لقناعته بضرورة توسيع دائرة الحوار بين الحضارات من أجل التعايش والتسامح بين كافة شعوب العالم.
من أجل ذلك كله بادرت جمعية “الورود العالمية” في هولندا باقتراح إطلاق اسمه على تلك الوردة الجميلة ذات اللون الأحمر القاني والرائحة الزكية القادرة على النمو والتفتح في البساتين العربية والأوروبية على حد سواء، حيثياتها في ذلك “تخليداً لسجله المشرّف وجهوده الدائمة الساعية من أجل تقدم ورفاهية شعبه ولمساهمته على الصعيدين الإقليمي والدولي في إرساء أركان السلم وتنمية العلاقات الدولية وعنايته بالبيئة ودعمه لحقوق الإنسان”.
ومن أجل ذلك كله، وغيره الكثير، أجمعت ثلاث وثلاثين من المنظمات والجامعات ومراكز البحوث والمعاهد الأميركية على منحه “جائزة سلام دولية” تقديراً لدوره وإسهاماته في العمل من أجل تحقيق ودعم السلام على كافة الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية.
تلك هي بصماته الكونية الإنسانية التي سوف تبقى خالدة تشير إلى “صاحب رسالة” تجاوزت في شكلها ومضمونها حدود بلاده ووطنه العربي والإسلامي إلى آفاق أكثر رحابة تبرز وجه عمان المضيء المتسامح المتعايش مع الآخر المحب للحياة والفن والجمال. فماذا نقرأ في بعض من تفاصيل رسائل السلطان قابوس الكونية؟
….
الجامع الاكبر
اثنتا عشرة قاعة يحمل كلٌ منها طرازاً معمارياً فنياً خاصاً يعود إلى حقبة تراثية مميزة تمثل نماذج تطور وتعدد أشكال الزخارف المعمارية وثقافتها من الأندلس غرباً حتى الصين شرقاً.. فتلك قاعة لفنون سلطنة عُمان والجزيرة العربية، وأخرى، وخامسة للفن البيزنطى وسادسة للإيراني الصفوي.. وهكذا حتى الفن الإسلامى المعاصر.
أراده مركزاً للتفاعل مع روح الإسلام ديناً وعلماً وحضارةً، ومع نتاج تاريخه الأدبي والثقافي حيث تضم مكتبته عشرين ألف مجلد مرجعي في مختلف العلوم والثقافة الإسلامية والإنشائية، ويتسع لعشرين ألف مصلّ ومصلية. بدأ تنفيذه في عام 1995م وتم افتتاحه في عام 2001م. إنه “جامع السلطان قابوس الأكبر” بمسقط؟
ففي عام 1992م أصدر تعليماته لإنشاء أكبر جامع في السلطنة الهدف من إقامته غير مقتصر على توفير مكان للصلاة والتعبد فحسب، إنما أيضاً ليكون مركزاً للتفاعل مع روح الإسلام ديناً وعلماً وحضارةً ومع نتاج تاريخه الأدبي والثقافي. وأقيمت مسابقة معمارية عالمية حيث تمت دعوة مستشارين عرب وعالميين إلى المشاركة في تقديم المخططات المعمارية لتصميم المشروع. واختير الموقع على مقربة من الطريق المؤدي إلى قلب العاصمة مسقط، وعلى اتصال مباشر بالطرق السريعة التي تربط مسقط بالمدن والولايات العمانية الأخرى. وبدأ الشروع في بناء عمارة الجامع عام1995م مستغرقة ما يزيد على ست سنوات من العمل المتواصل. يحتل الموقع مساحة إجمالية قدرها 416.000 متر مربع تغطي مساحة أرضية المجمع ما يقرب من 40.000 متر مربع وتؤدي ثلاثة معابر من منطقة الوصول إلى أرضية المجمع عبر ثلاثة مداخل يلي كل منها صحنه الخاص والمرتبط بدوره بسلسة من العقود. يقع المدخل الرئيسي على المحور الأفقي للمخطط منتهياً بالمئذنة التي تقف شامخة على ارتفاع 91.3 متراً أو 300 قدم، وإلى الشرق والغرب من المدخل الرئيسي يقع المدخلان الثانويان وجميعها تؤدي إلى الصحن الخارجي المحيط بقاعات الصلاة، ويمتدّ الصحن على مساحة 24.400 متر مربع، ويأخذ المصلّى الرئيسي شكلاً مربعاً، أبعاده الخارجية “74.4×74.4” متراً بقبته المركزية التي ترتفع عن سطح البلاط بخمسين متراً، وتشكل مع المئذنة الرئيسية المنظور المميز للجامع.
إلى الشرق من المصلّى الرئيسي يقع مصلّى النساء مشكلاً امتداداً للمصلّى الرئيسي عبر الصحن الداخلي الذي تحيطه ومصلّى النساء مجموعة من الأروقة المعقودة وست قباب تبرز على مداخل الوجهات، وقد صمم المصلّى الرئيسي ليستوعب 6.500 مصلّ، وسعة مصلّى النساء 750 مصلية مع إمكانية احتواء الصحن الخارجي لثمانية آلاف مصلّ ،وبالإضافة إلى الصحن الداخلي والأروقة تصل السعة الإجمالية للمجمع إلى عشرين ألف مصلّ ومصلية.
تشكل الأروقة الشمالية والجنوبية الفضاء الانتقالي الفاصل بين أماكن العبادة ومرافق المجمع الأخرى، حيث يمتد كل منها على مسافة داخلية طولها 221 متراً، وتسقف فضاءاتها سلسلة من القباب الهندسية القوام، وتكون جدران الرواق الجنوبى ساتراً مرئياً مزدوجاً يضم مجموعة من مرافق المجمع الوظيفية، منها المكتبة التى تضم عشرين ألف مجلد مرجعي في مختلف العلوم والثقافة الإسلامية والإنسانية، وتقع قاعة الاجتماعات والندوات التي تسع ثلاثمائة شخص إلى الغرب من الرواق بينما تم تصميم أماكن الوضوء في الوسط على طول خلفية الرواق المحاذية للصحن الخارجي.
تبدو الأروقة بمثابة “سور أمين” حول عمارة الجامع إلا أنها تختتم بالمآذن الأربع التي ترسم حدود الموقع بارتفاعها إلى خمسة وأربعين متراً، حيث تجتمع المآذن الخمس في الجامع لترمز إلى أركان الإسلام الخمسة، وتتخلل الجدران البيضاء المهيبة مجموعة من الأقواس والكوّات المفتوحة والصماء مع دعامات تستهل واجهة المصلّى الرئيسي، لها وظيفة إنشائية فضلاً عن أنها ملاقف للهواء على غرار عناصر الأبراج المناخية التقليدية والسائدة في العمارة المحلية العمانية التي يسمونها “البراجيل”. وتتوج جدران المصلّى الرئيسي شرفات يتأصل طرازها في عمارة القلاع العُمانية خاصة ومسننات الشرفات في العمارة الإسلامية عموماً، وأمّا جدار القبلة فيتميز بكوة المحراب البارزة في نتوئها عند الواجهة كما هو التقليد في وضوح التعبير عن حائط القبلة في تصميم المساجد العُمانية، ويحتوي جدارها على مدخل السلطان “جنوب المحراب” ومدخل الإمام المؤدي إلى المنبر شمال المحراب.
استُخدمت مجموعة غنية من الزخارف الإسلامية فى تصميم النقوش المحفورة في أبواب المصلّى الخشبية التي تعلو كلاً منها آيات قرآنية بخط “الثلث” بينما تحتوي الأبواب الخشبية المحفورة التي تربط الصحن الداخلي بمصلى النساء على “مشربيات” مبطنة بألواح الزجاج الملون تأكيداً على تواصل المكان المخصص للصلاة ووحدته. كما تقتصر تفاصيل عناصر الجدران الخارجية على تقاسيم الزخارف المحفورة بأنماطها الهندسية والنباتية والآيات القرآنية الكريمة المكتوبة بخط “الثلث” أيضاً. ويحزم قمة جدران المصلّى والصحن الداخلي شريط غني بالآيات القرآنية الكريمة بخط “الثلث الممشوق”، وتملأ الزخارف الهندسية الإسلامية إطارات أقواس الأروقة المتوّجة بحزام من السوَر القرآنية عند العقود حيث تنتشر طبيعة هذا التشكيل الفني إلى جميع أقواس المداخل الرئيسية. وتحتلّ أسماء الله الحسنى موقعها بين أقواس وجهات الأروقة وغيرها محفورة بالخط “الديواني” بينما تحتوي الواجهة الجنوبية من قاعدة المئذنة الرئيسية على نص الأذان فيما حفر اسم الجامع على وجهتها الشمالية.
ورصفت أرضية المجمع برمّتها ببلاط الرخام وفق ترتيب ونمط هندسي متناسق بينما صمّمت قطع بلاط الصحن الخارجي والداخلي الرخامي بمقياس وحدة سجادة الصلاة، ووضعت هندسة الجنائن في حديقة صممت شرق المجمع بما يقترن بمبدأ تصميم الحديقة الإسلامية، حيث بنيت مقصورة بصحن وأروقة وإيوان في وسطها بركة رخامية بمجرى مائي يربط المقصورة مع وسط الحديقة، وقد صممت على الصحن الداخلي مظلة متحرّكة لتمتدّ حين تدعو الضرورة إلى توفير الظل داخل الفضاء المكشوف.
جدران قاعة المصلّى الرئيسية مكسوّة بكاملها من الداخل بالرخام الأبيض والرمادي الغامق، بها جداريات مشغولة بزخارف مورقة بنمط هندسي يغلب على تصميمها أسلوب الفن الصفوي، وهي مصممة بمخطط مفتوح ذي أربعة أعمدة رئيسية حاملة لهيكل القبة الداخلي الذي يمتدّ بمحاذاة كل من الجدارين الشمالي والجنوبي رواق ينفتح على قاعة المصلّى بأقواس مزررة بزخرفة كما في العمارة المملوكية، وصمم المحراب بإطار مرتفع يضم “كوتين” بتقاسيم متراجعة في عمق الجدار بمقرنصات وعقود يحيط بإطاره حاشية من الآيات القرآنية الكريمة وثنية خزفية ناتئة على شكل حبل مفتول مصنوع من الخزف المطلي بالذهب، وتعتلي فتحات الجدران الجانبية شبابيك الزجاج الملوّن بزخارف مكمّلة في تصميمها لطبيعة ونمط زخارف الجدران.
القبّة مجمّعة بمقرنصات تشكل مثلثات كروية هندسية ضمن هيكل من الأضلاع والأعمدة الرخامية الخالصة المتقاطعة بأقواس مدببة مرصعة في جميع عناصرها بألواح من “القيشانى” بينما تمتد الألواح الخشبية في السقف بطراز ينبثق عن تطوير السقوف العمانية الأصلية.
السجاد أحد مقومات التصميم الداخلي التي تفرش بلاط المصلّى بقطعة واحدة تغطي مساحة أربعة آلاف ومائتين وثلاثة وستين متراً مربعاً مؤلفة من مليار وسبعمائة مليون عقدة تزن واحداً وعشرين طناً استغرقت صناعتها وإنتاجها أربعة أعوام تجمع في تأليفها ونوعية تصميمها سجادة “تبريز وكاشان وأصفهان” الأصلية، واستُخدم في نسجها ثمانية وعشرون لوناً بدرجات متنوعة تم صناعة غالبيتها من الأصباغ النباتية والطبيعية، وتم تصميمها في وحدات من خانات الصلاة تفصل بينها حواشٍ زرقاء وبيضاء بزخارف مستمدة من النسيج العماني.
كما صممت مجموعة من “الثريات” عددها خمس وثلاثون خصيصاً للمصلّى الرئيسي مصنوعة من كريستال “سوروفسكي” ومعادن مطلية بالذهب تتدلّى حول قاعة المصلّى بينما تتدلّى “الثريا المركزية” من قمة القبة بقوام يبلغ طوله أربعة عشر متراً بقطر ثمانية أمتار بها ألف ومائة واثنان وعشرون مصباحاً تزن ثمانية أطنان، وصمّمت ثريات مصلّى النساء التسع بطراز “عثماني” مصنوعة من الكريستال التركي.
الأروقة الشمالية والجنوبية تضم اثنتي عشرة قاعة صممت كل منها “بكوّات” تحمل طرازاً معمارياً فنياً خاصاً يعود إلى حقبة تراثية مميزة، ويأتي انتقاء الأعمال الفنية في القاعات ليمثل نماذج تطور وتعدد أشكال الزخارف المعمارية وثقافتها التي انتشرت بأنماط غنية من الأندلس إلى الصين حيث يحتوي الرواق الشمالي قاعة لفنون سلطنة عمان والجزيرة يتبعها أخرى للفن العثماني ثم فن عمارة “المماليك” تليها قاعة فن الزليج “المغربي” ثم فنون بلاد ما بين النهرين ومصر القديمة، وأخيراً الفن البيزنطي. أما قاعات الرواق الجنوبي فتبدأ بفن “بلاد الحجاز” ثم الفن الإسلامي “الهندي” يتبعه قاعة الفن “التيموري” في آسيا الوسطى ثم الفن “الإيراني الصفوي” والفن الإسلامي المعاصر، وأخيراً نموذج في أعمال إسلامية فنية حديثة.
مركز الثقافة الاسلامية
وفي قلب الجامع الأكبر يقع مركز السلطان قابوس للثقافة الإسلامية الذي تمكّن منذ إنشائه من تنفيذ مئات المحاضرات والندوات الحوارية التي خصص من بينها العشرات للنساء فقط، وهو يشارك في العديد من الفعاليات الثقافية الخارجية، كما يستقبل شخصيات مهتمة بالثقافة من أبرزهم المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ومدير مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية بإسطنبول التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ومدير مركز الدراسات الإسلامية في “كيرلا” بجمهورية الهند ورئيس الجامعة الإسلامية في “ميتشجان ” بأمريكا الشمالية، ويقوم بطباعة كتيبات للتعريف بالإسلام للمفتي العام للسلطنة مترجمة إلى اللغة الإنجليزية باعتبارها تستهدف الناطقين بغير العربية، وأصدر ملحقاً خاصاً بالأطفال في مجلة “رسالة المسجد” التي يعمل على زيادة انتشارها، وأنتح مكتب الإعلام والعلاقات الخارجية بالمركز فيلماً وثائقياً عن التعليم الديني في عمان قديماً وحديثاً، إلى جانب تنفيذ دورات ومحاضرات شبه ثابته يلقيها الأئمة الأكفاء بالجوامع والمساجد، كما أرسل عدداً من المرشدين الدينيين إلى شرق أفريقيا للقيام بدور التوجيه والتثقيف خلال العطلة الصيفية، ويقوم بتنظيم وتطوير مسابقة السلطان قابوس لحفظ القرآن الكريم بالإضافة إلى تطوير عدد من المكتبات الموجودة بالمؤسسات التعليمية والجوامع التابعة.
من أبرز إنجازاته الثقافية إنشاء وتأهيل مكتبة “جامع السلطان قابوس الأكبر” التي تعتبر المكتبة العامة الأولى في محافظة مسقط من حيث سعتها الاستيعابية وتنوّع وسائطها، حيث تتخذ موقعها في مبنى مكوّن من ثلاث طبقات تضم اثنين وعشرين ألف كتاب في جميع مجالات المعرفة العامة والفلسفة وعلم النفس والديانات والعلوم الاجتماعية واللغات والعلوم العامة والعلوم التطبيقية والفنون والآداب والطبيعة والتاريخ والسير والتراجم، إلى جانب قسم خاص للأطفال يضم مجموعة جديدة من الكتب والإصدارات المتخصصة في ثقافة الطفل، كما توفر خدمة “الإنترنت” عبر شبكة من أجهزة الحاسب الآلي وتجهيزاتها التي تساعد في عمليات البحث، بالإضافة إلى مجموعة من الوسائل السمعية والبصرية في مختلف المجالات العلمية والبحثية، وهي تستقبل روادها من الباحثين والمثقفين وطلاب العلم خلال فترتين صباحية ومسائية، وقد استقبلت خلال تسعة أشهر فقط أربعة وعشرين ألف ومائتين وخمسة وتسعين زائراً، وهو يسعى إلى الارتقاء بمستوى أداء أئمة الجوامع والمساجد حيث يعقد الدورات التدريبية للأئمة في مجالات الخطابة وحفظ القرآن الكريم واللغة العربية.
الاوبرا السلطانية
وعلى مسافة لا تبعد أكثر من خمسة كيلومترات من جامع السلطان قابوس الأكبر الذي لم يكن مجرّد مكان للعبادة والصلوات بقدر ما هو منارة ثقافية تشعّ بأضوائها المبهرة تنشر المحبة بين الأمم والشعوب معتمدة “حوار الحضارات” بديلاً خيراً عن صراعاتها، وقبل حوالي عشر سنوات من الآن، تكللت المسيرة الثقافية المضيئة بافتتاح “دار الأوبرا السلطانية” التي كان قد أمر بإنشائها لتأخذ بأرقى المعايير الفنية واستدامتها وتقديم برامج فنية مفعمة بالإبداع والتميز الذي ينضوي على التواصل لإذكاء روح الإبداع المقرون بالتنوّع الثقافي والتوعوي في إطار برامج تراعى فيها القيم العالمية للفنون والأطروحات الثقافية وخصوصيات المجتمعات المحلية والسعي الدؤوب في سبيل مشاركة أوسع نطاقاً على المستوى الشعبي.
الفنون التقليدية العمانية
للفنون التقليدية في سلطنة عمان ذوق رفيع تطرب له الأذن وتستمتع بمشاهدته العين، فهي مفردات في سجل متكامل يحكي حياة العمانيين بتفاصيلها الدقيقة بأفراحها وأحزانها، همومها وآمالها، أحلامها وواقعها، شؤونها وشجونها.
إنها المفتاح الحقيقي لفهم الشعب.. أيّ شعب. وهي التراث الذي يستحق الحفاظ عليه وصيانته، خصوصاً أن فنون عُمان التقليدية تسجل أنغامها ورقصاتها أحداثاً وطنية جماعية وشخصية، وربما لذلك كانت رغبة عاشق التراث التي نفّذتها وزارة الإعلام في ثمانينيات القرن الماضي حين جمعت ووثقت الموسيقى (الغناء والرقص العُماني التقليدي) مصوراً تلفزيونياً ومسجلاً صوتاً وموثقاً بالصور الفوتوغرافية وصحائف البيانات، حيث كانت تلك خطوة مهمة للحفاظ على التراث الفني التقليدي وحمايته من الاندثار في زحمة التحديث التي طاولت كافة المواقع، لاسيما أن هذه النوعية من الفنون التقليدية لا تخضع لأصول أكاديمية بالمعنى المتعارف عليه إنما يجري حفظها وتداولها “بالسماع والتلقين” من جيل إلى جيل آخر.
هذه الخطوة الرائدة في مجال حفظ التراث الفني جاءت لتصيب هدفاً قومياً مهماً يتمثل في تحقيق “التمازج” بين الفنون التقليدية في كافة المناطق العُمانية عبر استثمار جيّد لما وصل إليه الإرسال الإذاعي والبث التلفزيوني من امتداد واسع، كما تأتي أهمية هذا التمازج وتلك المشاركة إذا عرفنا بأن القبائل العُمانية (قبل بداية سبعينيات القرن الماضي)، رغم أنها كانت متجاورة لا تفصل بينها غير مسافات قصيرة، كانت “العزلة الفنية” أو انعدام التواصل الفني مكرسة بينها، فلكل منها غناؤها ورقصها التقليدي الذي ربما لا يقدر الآخرون على فك طلاسمه.
في النصف الثاني من عام 1983م بدأ العمل الفني العلمي الميداني، حيث اكتملت المهمة التي قادها ببراعة وزير الاعلام حينها عبد العزيز بن محمد الرواس مع نهاية العام 1984م،وهو مستشار السلطان للشئون الثقافية حاليا، وكان لا بد من وجود الوعاء المناسب الذي يحفظ هذا التراث فتأسَّس المركز النوعي المتخصص في فنون السلطنة، حيث أنشئ في يناير 1984م “مركز الفنون الشعبية العُمانية”. وعقب انضمام سلطنة عمان إلى المجلس الدولي للموسيقى التقليدية تغير اسم المركز ليصبح “مركز عُمان للموسيقى التقليدية”، الذي يضم مجموعة التسجيلات التلفزيونية المصورة والتسجيلات الصوتية والوثائق الفوتوغرافية والمكتوبة للموسيقى والغناء التقليدي التي تم جمعها “ميدانياً” منذ بداية المشروع، ومن بينها أربعمائة وستة عشر شريطاً تلفزيونياً تضم أكثر من ألف وثمانمائة مادة مصورة وستمائة وتسعة وثمانين شريط تسجيل صوتي واثنين وعشرين ألف وخمسمائة وست وثلاثين صورة فوتوغرافية ملونة، ومجموعة من الشرائح الملونة التي يزيد عددها عن ألف وثلاثمائة شريحة، إلى جانب وثائق العمل الميداني في مشروع جمع وتوثيق موسيقى عمان التقليدية التي تزيد عن خمسة آلاف وثيقة مكتوبة، كما يضم أرشيف المركز مائتين وخمسة وأربعين شريط فيديو وألفاً وثلاثمائة وأربعاً وأربعين شريحة ملونة بالإضافة إلى خمسة آلاف وخمسمائة وأربع وأربعين صورة فوتوغرافية توثق للحرَف التقليدية العُمانية.
إلى ذلك، يقوم المركز بتدريب الكوادر العُمانية المؤهلة على العمل في مجال الفنون التقليدية نظرياً وعملياً وميدانياً، فقد نجح في نقل الموسيقى التقليدية العُمانية إلى المجال “السيمفوني” في قناتين متوازنتين أولاهما تزويد القادرين من المؤلفين بألحان وإيقاعات موسيقى عُمان التقليدية لاستخدامها في إبداع مصنفات موسيقية للأوركسترا السيمفوني كلما طلبوا ذلك، والثانية تجسّدت في ثلاثة مؤلفات سيمفونية تم إعدادها داخل المركز وسجلها “أوركسترا لندن السيمفوني” أقيم لعزفها لأول مرة في السلطنة ثلاث حفلات سيمفونية في ديسمبر عام 1985م بفندق قصر البستان تحت رعاية السلطان الراحل.
كما يوفر المركز التسهيلات للباحثين والدارسين في ما يخص اهتماماتهم ودراستهم في هذا المجال، ويعمل على إعادة ترتيب وبرمجة الأرشيف الخاص بالفنون العُمانية، وقد أصدر بعض الكتب التي من بينها “معجم موسيقى عُمان التقليدية” تمت ترجمته إلى اللغة الإنجليزية في عام 1994م، ونشرها المعهد الدولي للموسيقى التقليدية بألمانيا، وبالتعاون مع نفس المعهد أصدر المركز الثلاثة أجزاء الأولى باللغتين العربية والإنجليزية تضمنت أبحاث الندوة الدولية التي عقدت عام 1985م حول فنون العمارة التقليدية وألبوم صور ملونة من فنون عمان التقليدية.
وفي عام 1993م ــ وضمن سلسلة إصدارات اليونسكو السمعية ــ صدر شريط وأسطوانة مدمجة تتضمن مجموعة تسجيلات لفنون عمان التقليدية، كما أصدرت وزارة الإعلام العمانية آنذاك أسطوانة مدمجة باسم “موسيقى حضارة عريقة” تحتوي على العديد من الأغاني العمانية التقليدية.
وتعد سلطنة عُمان أول دولة خليجية عربية تتمتع بعضوية المجلس الدولي للموسيقى التقليدية الذي ينبثق عن منظمة اليونيسكو، كما أن مركز عمان للموسيقى التقليدية عضو فاعل في الجمعية الدولية للأرشيف الصوتي، ويمثل عمان في المجمع العربي للموسيقى التابع لجامعة الدول العربية، كما وضع نظاماً دولياً منبثقاً من واقع الثقافة الموسيقية العُمانية مُدخلاً جميع المعلومات والبيانات في جهاز الحاسب الآلي.
في عهده تحقق الكثير من الإنجازات على صعيد الاهتمام الرسمي بالموسيقى في عمان، حيث تنبع عنايته ورعايته الشخصية للفنون والموسيقى على وجه الخصوص من واحدة من بين هواياته المفضلة.
الأوركسترا السيمفونية
وتحتلّ الأوركسترا السيمفونية حيزاً كبيراً من اهتمامات قابوس، ممّا كان له الأثر الكبير في نشأة نواتها الأولى عام 1985 م حيث بدأ الحرس السلطاني العماني ببلورة هذا الاهتمام إلى حيز الوجود منذ ذلك الحين وتأسيس نواة الأوركسترا الأولى المعززة بعدد من العازفين العمانيين، كما اقتصر مجال الخبرات الأجنبية على التدريس فقط، حيث نجح طلبة أوركسترا عمان السيمفونية في تحقيق مستويات متميزة في الاختبارات التي أجريت لهم طبقاً للمستوى العالمي المعروف في هذه المجالات خلال زمن قياسي، فقام أعضاؤها بتقديم عرضهم الأول في يوليو عام 1987م تحت رعاية السلطان، وكذلك الحفل السنوي الرابع للأوركسترا في يونيو 1991م عقب صدور الأوامر السلطانية بتعديل مسماها إلى “الأوركسترا السيمفونية السلطانية العمانية” كما رعى عدداً من الحفلات الأخرى تشجيعاً من جانبه لطلبتها وطالباتها.
وبحلول عام 1993م انتقلت الأوركسترا السيمفونية السلطانية العمانية إلى مبناها الذي شُيد خصيصاً لها في مدينة مسقط، وخلال مسيرتها حرصت على استضافة الشخصيات المرموقة من قادة الأوركسترا ومشاهير العزف المنفرد من أمثال “كريستوفر إيدي وهوارد شيلي وتيموثي رينش ومارتن ونتر وديمتري أليكسيف وألكسندر باليه وتاسمين ليتل”، وهي تضم خمسة وثمانين عازفاً، وبالإمكان تشكيل مجموعات نوعية منهم على مستوى فرق موسيقى الحجرة أو على شكل مجموعات للوتريات أو النحاسيات أو آلات النفخ أو الإيقاع في مرونة كبيرة، مما ساعد على تقديم مختلف المعزوفات في الحفلات التي اقتضتها المناسبات.
ويدرس الشباب العازفون بالأوركسترا السيمفونية السلطانية العمانية ــ إلى جانب الموسيقى ــ برنامجاً أكاديمياً يشمل التربية الإسلامية واللغتين العربية والإنجليزية، والرياضيات والعلوم قبل الالتحاق بالأوركسترا كعازفين “تحت التمرين”، ويجري تقييم الطلاب عن طريق قياس قدراتهم بتقدمهم للاختبارات التي يجريها “اتحاد المدرسة الملكية للموسيقى” حيث تمكن معظم أفراد الأوركسترا من تجاوز اختبارات المرحلة الثامنة التي تعد”الأرفع”، بينما حصل العديد من بينهم على شهادة المستوى المتقدم، إضافة إلى عازفين متفرغين للدراسة للحصول على درجة الدبلوم، وتمكّنت الأوركسترا منذ إنشائها من تقديم كوادر عمانية فنية واعدة، الأمر الذي يبدو واضحاً من خلال المشاركات بالحفلات الفنية التي تقيمها على مدار العام ومدى مقدرتهم على التأقلم مع هذه الآلات الحساسة، وكذلك الانسجام التام مع المقطوعات العالمية لكبار الموسيقيين العالميين، كما شهدت على امتداد مسيرتها الفنية تقدماً ملموساً في الكم والكيف حيث وصل عدد العازفين إلى ما يزيد عن خمسة وثمانين عازفاً وعازفة، الأمر الذي مكّن من تشكيل “أوركسترا الحجرة” التي تعد من أرقى مستويات الأوركسترا حيث يتم اختيارهم للعزف في هدوء تام “للملوك والروساء” كما جرت العادة المتبعة على مدى العصور، ويتراوح عددهم بين عشرة وأربعين عازفاً وعازفة، وذلك إلى جانب المجموعة الكاملة التي تقوم بإحياء الحفلات والمناسبات الكبيرة.
وبأوامر مباشرة من السلطان قابوس أيضاً تم إنشاء جمعية”هواة العود” التابعة لديوان البلاط السلطاني في نوفمبر من عام 2005م حرصاً من جانبه على رعاية المواهب الفنية لعازفي العود في السلطنة وإبرازها وصقل مواهبها لدعم الحركة الفنية بشكل عام والعزف على تلك الآلة، وهي تعدّ أول جمعية من نوعها على مستوى الوطن العربي، ما يعزز الاهتمام بمجال الفنون عموماً وآلة العود خصوصاً ذات الطابع الفني المتميز الذي تأسر أنغامه قلوب العديد من المطربين والشعراء، والتي كانت أيضاً “مقصد الملوك والأمراء” ومدعاة فخر لكل من يمتلكها ويعزف عليها.
وتعمل الجمعية على خدمة الهواة من العازفين والمهتمين تحقيقاً لمجموعة أهداف، من أبرزها رعاية المواهب الفنية لعازفي العود والارتقاء بها إلى مستوى جيد، وحماية الموروث الفني والموسيقي في مجال العزف على تلك الآلة وإبراز القيمة المعنوية للعازفين ورعايتهم وتنمية مواهبهم والعناية بإنتاجهم الفني، وتعميق روح التواصل الثقافي والفني بين الأجيال، وتوثيق الصلات والروابط بينهم وتعزيز أواصر الصلة والتعاون بين أعضاء الجمعية من جانب وأعضاء الجمعيات العربية ذات الصلة من جانب آخر، ونشر الوعي الفني في مجال العزف وإبراز أنشطتها من خلال أعمال تقدمها في مجال الموسيقى على وجه العموم وآلة العود على وجه الخصوص.
لكل الاجيال
ويحسب للسلطان الراحل الحرص البالغ على سلامة البيئة ورعايتها من خلال “استراتيجية وطنية” تنطلق من رؤيته وتوجيهاته بأهمية الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية باعتبارها ملكاً لكل الأجيال، حيث أصبح العمل في هذا المجال يمثل إحدى الأولويات المهمة في المنظومة التنموية سعياً إلى تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية والمحافظة على سلامة البيئة وإدخال مبدأ الإدارة البيئية كوسيلة أساسية لرفع كفاءة المشاريع التنموية. ذلك اتسع نطاق الاهتمام ليشكل جانباً من جوانب التنمية المستدامة من خلال العناية بمفردات البيئة العمانية من ناحية، ومراعاة الالتزام بشروط السلامة البيئية في المشروعات التنموية عند إنشاء تلك المشروعات من ناحية ثانية، كما أن الحكومة العمانية تعمل على تكريس مبدأ التعاون والعمل الجماعي بين الجهات الحكومية والخاصة ومع المنظمات الإقليمية والدولية لتأكيد البعد البيئي كإحدى الأولويات الوطنية في منظومة العمل التنموي.
كانت اهتماماته البيئية قد بدأت مبكراً منذ عام 1974م حين أصدر المرسوم الخاص بقانون تلوّث البيئة البحرية الذي يعدّ أوّل تشريع بيئي، ثم تبعه المرسوم القاضي بإنشاء مجلس حماية البيئة ومنع التلوث برئاسة السلطان قابوس، وفي عام 1984م أنشئت وزارة البيئة، وكانت السلطنة حينها أول دولة عربية تخصص وزارة للبيئة، وفي عام 1996 صدرت التوجيهات بتخصيص يوم الثامن من يناير يوماً للبيئة العمانية يتم الاحتفال به تأكيداً على الخصوصية العمانية في التعامل مع قضايا البيئة. وقد أصدر في الثاني عشر من شهر سبتمبر من عام 2007 م مرسوماً قضى بإنشاء وزارة للبيئة والشؤون المناخية عاكساً بذلك الوضع الدولي الراهن لقضايا البيئة التي أصبحت إحدى قضايا الساعة التي تشغل بال العلماء والباحثين وحتى العاملين في مجالات الاقتصاد والسياسة، كما جاء مواكباً للتغيرات المناخية التي يشهدها العالم.
في هذا السياق أيضاً تأتي جائزة السلطان قابوس لقطاع شؤون الإنسان والبيئة بدول الخليج تقديراً من السلطنة للجهود المبذولة في مجال العمل البيئي الخليجي المشترك وتحفيزاً لمزيد من العطاء والاهتمام في هذا الجانب. فقد كانت قمة مجلس التعاون الخليجي التاسعة والعشرون التي عقدت في مسقط قد اختتمت أعمالها بالإعلان عن “جائزة السلطان قابوس لقطاع شؤون الإنسان والبيئة” بمبلغ مليون ريال عماني .حيث جاء في بيانها الختامي: “إن سلطنة عمان إذ تؤكد على اهتمامها بالبيئة والمحافظة عليها، خاصة في ظل ما لمسه العالم من شواهد وأحداث خلال السنوات الماضية تمثلت في تغييرات مناخية طالت العديد من المناطق بتأثيراتها المختلفة، فإن الدول الأعضاء مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بتطوير وسائل التنبؤ بهذه التحولات المناخية، وتكثيف التعاون المشترك للإسهام في التعامل البنّاء مع مثل هذه الظروف، في إطار السياسات والمبادئ العامة لحماية البيئة التي صادق عليها المجلس الأعلى في دورته السادسة مسقط نوفمبر 1985 م. وفي هذا المقام تشيد السلطنة بقرار الوزراء المسؤولين عن شؤون البيئة في دول المجلس بأهمية تخصيص جائزة دورية باسم مجلس التعاون لأفضل الأعمال البيئية تهدف إلى رفع مستوى الفهم والوعي البيئي بين شعوب المنطقة وتحفيز الأفراد والمؤسسات على البحث والابتكار والإبداع لتحقيق السبل الملائمة لقضايا البيئة الراهنة. وتقديراً من سلطنة عمان للجهود المبذولة في مجال العمل البيئي الخليجي المشترك، وتحفيزاً لمزيد من العطاء والاهتمام في هذا الجانب، فقد تفضل السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان بالتبرع بجائزة لقطاع شؤون الإنسان والبيئة لما يمثّله هذا القطاع من قاسم مشترك بين دول مجلس التعاون وأبنائها. إن تقديم الدعم المباشر للأبحاث العلمية الهادفة إلى إيجاد خطط وسياسات فعالة، من شأنه أن يساعد على مواصلة الحفاظ على بيئة آمنة ونظيفة أخذا في الاعتبار الشواهد الطبيعية ذات العلاقة بدورات المناخ عبر العصور”.
فعلى الرغم من التطور الهائل الذي شهدته دول الخليج العربية في المجالات العمرانية والصناعية، ترافق ذلك مع العديد من المشاكل البيئية بسبب قلة الجهات التخصصية التي تحظى بصلاحية مراقبة وحماية البيئة من جراء التلوث الذي أصابها، والتي من أهمها تلوث الهواء والمياه الذي أّدى إلى فقدان العديد من عناصر التنوع الأحيائي، كما أدى انتشار المنشآت الصناعية حول مناطق التجمعات السكانية ــ بصورة غير منظمة ومدروسة وعدم تقيد أصحاب تلك الصناعات بالاشتراطات البيئية ــ إلى الإضرار بصحة الإنسان والحيوان والنبات فضلاً عن حدوث العديد من الكوارث البيئية الخطيرة التي كلفت كثيراً من الدول خسائر مادية فادحة لمحاولة التخلص من آثارها الصحية والبيئية.
وبينما أصبحت خطط التنمية بالمنطقة تعتمد على الصناعة باعتبارها أحد الأنشطة الرئيسية في تحسين ظروفها الاقتصادية، تواجه هذه الدول “بعض الحرج” لتحقيق التوازن بين متطلبات التنمية والحفاظ على الموارد الطبيعية من التلوث والاستنزاف، إلا أنها بدأت تتنبه لتحقيق هذه المعادلة الصعبة من خلال الاستجابة لقرارات “قمة الأرض” التي كانت قد عقدت في ريو دي جانيرو عام 1992، وقمة جوهانسبيرج عام 2002 اللتين اهتمّتا بموضوع البيئة والتنمية، وضرورة الحفاظ على البيئة ومواصلة عملية التنمية تحقيقاً لرفاهية المجتمعات الإنسانية، مما دفع دول المنطقة إلى تعزيز تشريعاتها البيئية والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة باستخدام أساليب جديدة للقياس والرصد والتحليل ودراسة الآثار البيئية قبل تنفيذ أي مشروع تنموي.
وتؤكد دراسة الوضع البيئي في منطقة غرب آسيا ــ التي عرض نتائجها خبراء برنامج الأمم المتحدة للبيئة بالتعاون مع هيئات إقليمية ودولية ونشرت في تقرير “توقعات البيئة العالمية الرابع” أن النمو السكاني والتوسع الحضري السريعين وارتفاع الاستهلاك الفردي للمياه أمور تفسر الزيادة الراهنة “المنذرة بالخطر” في الطلب على المياه في بلدان دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يتراوح معدّل الاستهلاك بين 300 ليتر و750 ليترأ للفرد يومياً، معتبرةً أن بلدان “التعاون الخليجي” الأكثر استهلاكاً للمياه في العالم، وأن الأسباب الحقيقية وراء البذخ في استهلاك المياه تكمن في “غياب الإدارة الصحيحة للطلب وآليات تحديد الأسعار” حيث تركز السياسات الحكومية على الجانب الإمدادي للمياه من المكامن الجوفية أو محطات التحلية، أما تعرفات المياه فهي منخفضة لا تزيد على 10 % من الكلفة مع عدم توفير أي حوافز للمستهلكين لتمكينهم من الاقتصاد في استهلاك هذه الثروة الطبيعية. وتشير الدراسة إلى أن الاستهلاك الزراعي للمياه زاد من 73 بليون متر مكعب عام 1990 م إلى أكثر من 90 بليون متر مكعب عام 2000 م ما سبب ضغوطاً هائلة على الموارد المائية بالمنطقة، فضلاً عن تركيز الخطط التنموية لدول المنطقة على تعمير المناطق الساحلية ما يجعلها تعاني حالياً من أعمال الردم والتجريف.
ففي مملكة البحرين ازدادت المنطقة الساحلية بنحو 40 كيلومتراً مربعاً في أقل من عشرين عاماً، كما تم إلقاء أكثر من 100 مليون متر مكعب من الصخور والرمال في البحر لإقامة “جزر النخل” على شاطئ إمارة دبي، وتم استخدام أكثر من 200 مليون متر مكعب من الرسوبيات المجروفة في مدينة الجبيل الصناعية في المملكة العربية السعودية. هذا الردم كان له تأثيرات مباشرة على الشعاب المرجانية والثروة السمكية وتدهور بيئات أشجار المانجروف، علاوة على أن مياه التصريف من محطات التحلية تضيف قسطاً من الملوحة الشديدة والكلور وتسهم في نشر التلوث الحراري. وتبيّن الدراسة المذكورة أن التسربات النفطية والملوثات الكيميائية تشكل تهديداً كبيراً لعناصر البيئة البحرية، فهناك ثماني مصافٍ للنفط وأكثر من 15 مجمعاً بتروكيميائياً على طول سواحل المنطقة، كما يعبر مضيق هرمز سنوياً أكثر من 25 ألف ناقلة تحمل نحو 60 % من مجمل الصادرات النفطية في العالم.
وسط هذه الأجواء المستحدثة، يأتي تخصيص السلطان الراحل قابوس بن سعيد جائزة خليجية لقطاع شؤون الإنسان والبيئة مجدداً اهتمامه الشخصي بهذا القطاع الحيوي، كما أن الجائزة تبرز ما لهذا القطاع من جوانب بيئية تشترك فيها كافة دول مجلس التعاون باعتبار أن تأثر بيئة أيّ من دول المنطقة سيؤثر سلباً بشكل مباشر أو غير مباشر على بيئة باقي الدول المجاورة، ويحث الإعلان عن هذه الجائزة على أهمية النظر إلى كل ما يتعلق بشؤون الإنسان والبيئة بعين الجدية والاعتبار بحيث لا تبقى مواضيعها مهمّشة، كما يؤمل أن تسهم في تشجيع المبادرات البيئية الفردية والجماعية لدى مواطني دول المجلس، بالإضافة إلى تعزيزها لمستويات الوعي البيئي لدى مختلف أفراد وفئات المجتمع الخليجي.
اهتمام السلطان قابوس بقضايا البيئة تزامن مع اهتمام العالم بها في أواخر الستينيات وبداية السبعينيات، حيث أكدت عمان ريادتها عربياً في هذا المجال، إذ جاء إهداء برنامج الأمم المتحدة للبيئة درعاً تذكارياً إلى قابوس تقديراً واعتزازاً برعايته المشهودة وبتخصيصه عامي 2001 و2002 للبيئة، شهادة دولية أخرى في محيط اهتمامه وعنايته بالبيئة، كما تم اختياره في عام 1992 بمؤتمر قمة الأرض في ريو دي جانيرو متحدثاً باسم العرب أمام المؤتمرين الذين يمثلون 160 دولة وهيئة حكومية وغير حكومية، حيث كان لخطابه صدى واسع.
وفي عام 1996 قلّده الاتحاد العالمي للصون ميدالية “جون فليبس” عرفاناً وتقديراً لتناغم وانسجام الفكر والحس الإنساني الرفيع في مجال خدمة القضايا الإنسانية التي تشمل البيئة والتنمية.
وفي هذا السياق تأتي جائزة السلطان قابوس الدولية لحماية البيئة التي كان قد أعلن هو عن إنشائها في خطابه الذي ألقاه في مبنى اليونسكو في يونيو عام 1989م بمناسبة زيارته لمقرها تقديراً من جانبه للدور الذي تقوم به من خلال مكتب التنسيق الدولي لبرنامج الإنسان والمحيط الحيوي لمساندة الجهود التي تبذل على المستوى اليومي لحماية وصون البيئة، ولزيادة الوعي على المستوى الدولي وتأكيداً على رؤيته الخاصة لأهمية المحافظة على البيئة وحماية مواردها ومصادرها المختلفة، وهي تعدّ أول جائزة عربية يتم منحها على المستوى العالمي في مجال حماية البيئة.
وتعدّ الجائزة من حيث الغرض الأساسي من إنشائها مكافأة للإسهامات البارزة في مجال إدارة البيئة وصونها بما يتفق مع سياسات اليونسكو وأهدافها وغاياتها.
الاسم الرسمي للجائزة التي تتمثل في منح شهادة ومبلغ ثلاثين ألف دولار “جائزة السلطان قابوس لحماية البيئة” ويتولى مكتب المجلس الدولي لتنسيق برنامج الإنسان والمحيط الحيوي توزيعها على الفائز أو الفائزين، حيث يقدم المدير العام لليونسكو الجائزة مرة كل عامين في حفل يقام لهذه الغاية جرت العادة منذ العام 2003م أن يكون في اليوم العالمي للعلوم من أجل السلام والتنمية الذي يقام في العاصمة المجرية بودابست. ويتولى مكتب المجلس الدولي التنسيق اختيار الأفراد أو مجموعات الأفراد أو المعاهد أو المنظمات التي تمنح الجائزة، وللمكتب أن يعتمد نظامه الداخلي لاختيار الفائزين، وينبغي في الأحوال العادية أن تتخذ هيئة التحكيم قراراتها بالإجماع، وإذا لم تُجمع على منح الجائزة لأي من المرشحين المتقدمين وجب أن تتخذ قرارها بأغلبية الحاضرين من أعضائها، وينبغي لها أن تستشير حسب الاقتضاء مكاتب الهيئات الدولية الحكومية المسؤولة عن تنفيذ سائر برامج اليونسكو في مجال الموارد الطبيعية والبيئة، أي مجلس البرنامج الدولي وجمعية اللجنة الدولية لعلوم المحيطات ومكتب لجنة التراث العالمي. ويمكن أن يفوز بالجائزة أفراد أو مجموعات أو معاهد أو منظمات تثبت جدارة عالية وتحقق على وجه الخصوص نتائج ممتازة في مجال صون البيئة.
وتحتفل سلطنة عمان منذ العام 1996م بيوم البيئة العماني الذي يصادف الثامن من يناير من كل عام باعتباره مناسبة وطنية تبرز العناية التي تحظى بها البيئة المتمثلة في تكثيف عمليات التفتيش والرقابة البيئية والتوسع في عمليات الرصد نظراً للتنمية المتسارعة والتوسع الصناعي والتنموي والسياحي، وما قد يؤدي إليه ذلك من تأثيرات سلبية، كما يتم التنسيق مع المنظمات الدولية للاستفادة من خبراتها، إلى جانب الاهتمام بالتنوع الأحيائي والتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية في تنفيذ بعض الدراسات والمشاريع البيئية في مجال حماية طبقة “الأوزون” وتغير المناخ وتطبيقات الطاقة المتجددة وتحسين كفاءتها وتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة.
جائزة الابداع الثقافي
كان إعلان مسقط عاصمة الثقافة العربية قبل عدة سنوات مناسبة مؤاتية لتنفيذ العديد من الفعاليات والمناشط الثقافية والمحاضرات والندوات، سواء على الصعيد المحلي أو بإقامة الأيام والأسابيع الثقافية في الخارج، حيث أقيمت مهرجانات المسرح العماني الثاني والأغنية العمانية والأدب والفن لشباب دول مجلس التعاون الخليجي وثقافة الطفل والشعر العماني الخامس ومهرجان السينما، ومعرضا مسقط الدولي للكتاب والفنون التشكيلية والخط العربي، كما تم تنظيم أسبوع ثقافي في مقر منظمة اليونسكو في باريس أقيم خلاله عدد من الندوات مثل حوار الثقافات والحضارات والتعريف بصالون “الفراهيدي” الذي يمثل أحد أعلام عمان ومؤسس قواعد علم النحو في اللغة العربية وصاحب أول معجم لغوي في تاريخها وواضع علم العروض في الشعر، إلى جانب تنظيم أسابيع ثقافية أخرى في كل من بيروت وتونس.
وكان من أبرز الأحداث الثقافية الإعلان عن جائزة السلطان قابوس “للإبداع الثقافي” والتي تشمل الشعر والرواية والقصة والنص المسرحي والتصوير والرسم والنحت، حيث تصل قيمة هذه الجائزة إلى 125 ألف دولار أميركي لكل فائز، وتأتي لتعبر من جديد عن مدى الاهتمام والرعاية التي يوليها السلطان للثقافة في عمان والمبدعين العمانيين في كافة المجالات، كما تسعى هذه الجائزة التي تقترن باسمه إلى دعم المبدعين الذين حققوا إنجازات متميزة في مجالات أدبية وفنية، خصوصاً أن الجائزة تضم مجالين أساسيين هما الآداب والفنون، ويتفرع من المجال الأول الشعر والرواية والقصة القصيرة والنص المسرحي، بينما يتفرع من المجال الثاني التصوير الضوئي والرسم والنحت، وقد تم تعميم الجائزة لتشمل المثقفين والمبدعين العرب.
الكراسي الجامعية
هو يقول إن الإرهاب اعتداء على السلام الذي تنشده البشرية وتسعى إليه، وعلى الاستقرار والأمن الدوليين اللذين نعمل مع الأمم الأخرى على توطيدهما وترسيخهما، وإن بلاده تدينه وتستنكره وتدعو إلى التصدي له ومعالجة أسبابه، ومن خلال هذه الرؤية الواضحة كانت جهودها في هذا المجال، سواء بالتعاون مع الجهود الجماعية لمكافحة الإرهاب إقليمياً ودولياً أو من خلال السعي الذاتي والدؤوب إلى تقديم الصورة الصحيحة للثقافة العربية والإسلامية إلى الشعوب الأخرى بدعم النشاط العلمي والأكاديمي في عدد من الجامعات الغربية لدراسة الثقافة العربية والإسلامية وفهمها بشكل موضوعي من ناحية، وتوسيع نطاق التواصل مع مراكز الأبحاث والجامعات الأخرى من ناحية ثانية، حيث تم إنشاء كرسي أستاذية في العلاقات الدولية باسم السلطان قابوس في جامعة “هارفارد” الأميركية وكرسي للدراسات العربية والإسلامية في جامعة “ملبورن” الأسترالية، وكرسي ثالث دائــم للغة العربية المعاصرة بجامعة “كمبردج” البريطانــية للغة العربية المعاصرة. كما أمر بتقديم منحة مالية إلى المركز الثقافي الإسلامي في جمهورية “موريشيوس” لمساعدته على القيام بالأعمال الجليلة لخدمة الإسلام والمسلمين، بالإضاف إلى توجيهه بتقديم ثلاثمائة ألف دولار للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة لاستكمال بناء مقرها الدائم في الرباط.
كما أن تدشين عدد من الكراسي الجامعية والبحثية التي تحمل اسم السلطان الراحل حول العالم يأتي ضمن قناعاته بضرورة التفاهم والحوار بين الحضارات المختلفة بديلاً إيجابياً عن سلبية التصادم معها، ولعل من أبرزها كرسي للدراسات العربية كما هو في جامعة بكين العريقة، والذي يعكس في ذات الوقت عمق العلاقات التاريخية المتأصلة بين شعبي سلطنة عُمان وجمهورية الصين الشعبية ــ بدءاً من طريق الحرير وصولاً إلى هذا اللقاء الثقافي المهم الذي يهدف إلى تطوير العلاقات وتوطيدها ــ كما يمثل تتويجاً للعلاقات العلمية والبحثية المتميزة بين الجانبين حيث كانت جامعة السلطان قابوس قد قامت بمد جسور التعاون العلمي والبحثي في مختلف المجالات من خلال الزيارات المتبادلة وتوقيع مذكرات التفاهم.
قابلت جمهورية الصين الشعبية تلك المبادرات بإنشاء أقسام في جامعاتها لتدريس اللغة العربية والحضارة العربية الإسلامية، فضلاً عن جمعية إسلامية صينية أقامت معاهد ومدارس في المدن الكبرى وحواضر المقاطعات لتدريس اللغة العربية والعلوم الإسلامية، ما أدى إلى ازدهار ترجمة الأعمال العربية إلى الصينية في القرن الماضي حيث قدم المترجمون الصينيون صورة كاملة عن روائع المؤلفات العربية .
ويهدف كرسي السلطان للدراسات العربية إلى المشاركة في تدريس اللغة العربية وآدابها للطلبة الصينيين بجامعة بكين والمساعدة في إنشاء مكتبة علمية بقسم اللغة العربية تضم مؤلفات ودوريات لنشر الوعي عن تلك اللغة وآدابها وثقافتها في الصين، وكذلك تشجيع البحوث العلمية في مجال اللغة العربية وآدابها وثقافتها، خصوصاً منها تلك المرتبطة بسلطنة عمان، وتشجيع التبادل الثقافي بين مؤسسات التعليم العالي ونظيراتها الصينية، كما يقوم “الكرسي” بتنظيم الحلقات الدراسية وحلقات العمل لنشر اللغة العربية، ودعوة الأساتذة الزائرين والباحثين من المؤسسات العلمية العمانية، وإنشاء موقع على شبكة المعلومات الدولية بجامعة بكين.
تعدّدت الكراسي السلطانية التي تشير إلى الرغبة الكامنة في التواصل مع الحضارات المتنوعة، فكان من بينها مجموعة أخرى من بينها كرسي للدراسات العربية والإسلامية بجامعة “جورج تاون” الأميركية، وآخر في مجال الاستزراع الصحراوي بجامعة الخليج العربي، وثالث في العلاقات الدولية بجامعة “هارفارد” الأميركية، ورابع لتقنية المعلومات بجامعة الهندسة والتكنولوجيا الباكستانية، وخامس للدراسات العربية والإسلامية بجامعة “ملبورن” الأسترالية، وسادس يحمل اسم “زمالة سلطان عُمان الدولية في مجال الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية” بمركز أكسفورد للدراسات الإسلامية في جامعة “أكسفورد” البريطانية، وسابع للدراسات العربية المعاصرة بجامعة “كامبريج” البريطانية أيضاً، وثامن كرسي للأستاذية في مجال إدارة المياه والتنوع الاقتصادي في “أكاديمية روزفلت” التابعة لجامعة “أترخت” في لاهاي بهولندا الذي قررت الحكومة الهولندية إنشاءه قبل عشر سنوات تقديراً منها للجهود الخيرة للسلطان وإسهاماته في ترسيخ دعائم السلام والتعاون الدولي ودوره البناء في إرساء أسس التنمية ودولة القانون والمؤسسات العصرية في السلطنة، والتقدير الدولي الواسع النطاق الذي يحظى به جراء سياساته المتوازنة، وتتويجاً للعلاقات الطيبة التي تربط بين البلدين.
موسوعة الأسماء العربية
لا يتوقف اهتمام السلطان قابوس باللغة العربية عند ذلك الحد إنما يتجاوزه إلى التوجيهات المباشرة من جانبه بتنظيم مؤتمرات حولها، وكيفية الحفاظ عليها ونشرها، كما أنه كان قد أصدر مرسوماً يوجب التعامل في المكاتبات والمراجعات باللغة العربية أولاً قبل غيرها من اللغات الأخرى.
لكن المشروع الثقافي “الأبرز” الذي يعكس مدى اهتمامه بلغة القرآن الكريم والعمل على إثراء الحياة الثقافية وإغناء المكتبة العربية بإضافة هامة تمثل في صدور “موسوعة السلطان قابوس للأسماء العربية” الذي جاء بمبادرة شخصية من جانبه حيث كان قد بدأ تنفيذه اعتباراً من أكتوبر 1985م لتأتي الموسوعة نتاج أبحاث مكثفة قام بها مائة وخمسون باحثاً من مختلف البلدان العربية في مجالات علمية عديدة شملت التحليلات اللغوية والاجتماعية والتاريخية والسياسية والأدبية تركزت على ما يقارب “سبعة ملايين اسم عربي” عن طريق استخدام أحدث الوسائل العلمية والإحصائية. وهو ما يعد سبقاً تاريخياً يسد فراغاً في المكتبة العربية، كما يقدم نموذجاً للتعاون المتميز بين عشرات الباحثين في مختلف المجالات من شتى أنحاء الوطن العربي، فقد شارك في العلوم اللغوية والاجتماعية والسياسية اثنتا عشرة دولة كان من بينها كل من سلطنة عُمان ومصر والمملكة العربية السعودية وتونس والمغرب والجزائر والعراق واليمن والأردن والكويت والبحرين وقطر.
إعادة اكتشاف طريق الحرير
تبنّى السلطان الراحل الدعوة العالمية التي أطلقتها منظمة التربية والثقافة والعلوم حول “إعادة اكتشاف” طريق الحرير والتجارة القديمة التي كانت تتبادلها القوافل التجارية البرية والبحرية بين شعوب العالم، وذلك من خلال تخصيص اليخت السلطاني “فلك السلامة” بكل طاقمه لتستخدمه اليونسكو لهذه الرحلة تقديراً من جانبه للمردود العلمي للدراسة ونتائجها الإيجابية والاستفادة من معطياتها لزيادة الترابط بين شعوب العالم، فقد شملت دراسة طريق الحرير رحلات برية وبحرية حيث كانت إحدى الرحلتين البريتين قد بدأت من “اسطنبول” لتنتهي في مدينة “أكسيان” بالصين بينما بدأت الاخرى من “أوديسا” الأوكرانية لتنتهي في “كانتون” بالصين أيضاً.
أما الرحلة البحرية فقد بدأت من البندقية في الثالث والعشرين من نوفمبر 1990م مروراً بأحد عشر ميناء كان من بينها “مسقط وصلالة” وانتهاءً بـ”أوساكا” اليابانية، وقد سلكت “فلك السلامة” خط السير نفسه الذي سلكه “ماركو بولو” في بحثه عن الحرير والتوابل لتدخل إلى ميناء صلالة على سبعين عالماً في الثالث عشر من نوفمبر 1990م حيث قضوا يوماً كاملاً زاروا خلاله الأماكن الأثرية التي من أبرزها ميناء “سمهرم” وآثار مدينة “البليد” باعتبارهما الموقعين اللذين ارتبطا بتجارة “اللبان الظفاري العماني” الذي لعب دوراً مهماً في التواصل بين الشعوب والحضارات القديمة.
وفي السابع عشر من الشهر نفسه وصلت “فلك السلامة” إلى ميناء السلطان قابوس بمسقط أثناء احتفالات السلطنة بعيدها الوطني العشرين وسط استقبال رسمي وشعبي قدمت خلاله الفرق الأهلية ألواناً متعددة من فنونها الشعبية، كما قام العلماء والمشاركون من البعثة ببرنامج حافل من الأنشطة تمثلت في مشاركتهم باحتفالات العيد الوطني وزيارة العديد من المواقع الأثرية خصوصاً تلك التي كانت “اليونسكو” قد أدرجتها ضمن الآثار العالمية مثل “سور بهلاء”، كما تم تنظيم ندوة دولية حول “أهمية التراث البحري العماني لطريق الحرير” استمرت يومين لتواصل بعدها “فلك السلامة” خط سيرها إلى باقي موانئ باكستان والهند والشرق الأقصى مروراً بالصين وحتى “أوساكا” باليابان، وقد شملت الرحلة واحداً وعشرين ميناء في ست عشرة دولة، وقطعت مسافة سبعة عشر ألفاً وخمسمائة ميل بحري، وحمولتها عشرة آلاف وثمانمائة وأربعة وستون طناً وطولها مائة وثلاثين متراً وسرعتها القصوى تسع عشرة عقدة ونصف العقدة في الساعة.
كان من بين أهم أهداف الرحلة معرفة مدى تأثر الحضارات والثقافات في الشرق والغرب بعضها ببعض، وما تم تناقله من معلومات تقنية وعلمية من خلال التبادلات التجارية لمختلف السلع، وخصوصاً “الحرير” الذي استقطب اهتمام “الملوك والأثرياء” منذ الألف الثاني قبل الميلاد، ورغم أنه من أثمن السلع الواردة من الشرق إلى أوروبا فقد ظل مجهولاً حتى القرن السابع عشر، حيث اكتشف الصينيون “دودة القز” محتفظين بسرها، وظلوا يصدّرون الحرير قروناً عديدة دون أن يعلم الأوروبيون مصدره على وجه التحديد!
استمرت “رحلة طريق الحرير البحرية” ما يزيد عن أربعة أشهر، وتم تقديم مائة واثنين وثمانين بحثاً في تسع عشرة ندوة دولية حول التواصل الحضاري خاصة بين شعوب البلدان التي كان يعبرها طريق الحرير البحري قديماً، بالإضافة إلى الأبحاث التي كانت تقام يومياً فوق السفينة خلال الرحلة من جانب العلماء والمفكرين وغيرهم من المشاركين.
رجل السلام العالمي
في العام 1998م أجمعت ثلاث وثلاثون من المنظمات والجامعات ومراكز البحوث والمعاهد الأميركية على تقديم “جائزة سلام دولية” للسلطان قابوس بن سعيد تقديراً لدوره وإسهاماته في العمل من أجل تحقيق ودعم السلام على كافة الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية، حيث سلّمها في العاصمة الأميركية الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، نيابة عن الهيئات المشاركة في التكريم، إلى الوزير العماني المسؤول عن الشؤون الخارجية نيابة عن السلطان.. صاحب الرسالة الذي يمتلك من الحيثيات ما يكفي لمنحها إياه يمكن ايجازها في عدة نقاط، الأولى أنه تمكن منذ ولايته من إرساء دعائم الأمن والنظام بعد سنوات سابقة من الفوضى وحركات التمرد ودعاوي الانقسام حيث نجح في بناء جبهة داخلية موحدة انتظمت صفوفها المتراصة والمتحابة والمتضامنة في مسيرة تنموية رائدة لتشييد دولة عصرية في ظل مناخ يسوده الشعور العميق بالأمن والسلام الاجتماعيين. والثانية أنه سعى لتأمين مسيرتها التنموية الوطنية من خلال تسوية مشكلات الحدود البرية والبحرية حتى تمكنت من التوصل إلى اتفاقيات دولية مع جيرانها على أساس مبدأ “لا ضرر ولا ضرار” بما يجعل من الحدود المشتركة جسور تواصل ونقاط عبور للمصالح المتبادلة بين الشعب العماني من جانب وشعوب الجوار من جانب آخر، الأمر الذي كان من الممكن أن يساهم “لو خلصت النوايا” تباعاً في تدعيم السلام والاستقرار بالمنطقة من خلال تقديمه نموذجاً عملياً يؤكد إمكانية تجاوز مثل هذه المشكلات الشائكة إن توافرت الإرادة السياسية. والثالثة أن الدور العماني ساهم بشكل فعّال في احتواء النزاعات التي جرت والحيلولة دون تفاقمها من خلال التحرك السياسي النشط لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء أو من خلال تأمين قناة اتصال بين الأطراف المتنازعة، فقد حرصت على إبقاء خطوط الاتصال مفتوحة مع كل من العراق وإيران طوال السنوات الثماني للحرب الضروس بينهما، كما لعبت أواخر الثمانينيات ــ خلال حرب الناقلات الشهيرة في الخليج ــ دوراً حيوياً في احتواء الصدام الذي وقع بين البحريتين الإيرانية والأميركية حرصاً منها على تحقيق السلام والاستقرار. كذلك كانت الرؤية العمانية واضحة تماماً بشأن قضية “أمن الخليج” في أبعادها المختلفة حيث يقول السلطان قابوس في هذا الصدد: “من الواضح أن الاستقرار في هذا الجزء الحيوي من العالم واستمرار الأمن والطمأنينة في مجتمعاته رهن بمدى قدرة دوله على عدم استفزاز المجتمع الدولي بأية طريقة سواء بتهديد المصالح أو بالتدخل في شؤون الآخرين، ومهما كانت المبررات لذلك يكون واجب الجميع الالتزام بمبادئ التعايش السلمي بين الدول واحترام قواعد القانون الدولي المنظمة للحقوق والواجبات على أساس من الرغبة الصادقة في تجنيب المنطقة عوامل عدم الاستقرار وتمكينها من مواصلة النمو والازدهار”. والرابعة أن الموقف العماني كان حريصاً حتى اللحظات الأخيرة على السعي إلى توفير “مخرج سلمي” لمأزق الغزو العراقي الكويتي حيث يؤكد السلطان آنذاك على “ضرورة التوصل إلى حل سلمي لأزمة الخليج يقوم على القرارات الدولية ويعيد إلى دولة الكويت سلطتها الشرعية”. والخامسة أن عمان قابوس ظلت حريصة على الاحتفاظ بعلاقاتها الوثيقة مع مختلف الدول العربية رافضة سياسة المقاطعة، الأمر الذي جعل من عاصمتها نقطة تلتقي عندها الأطراف العربية المتباعدة حيث بقيت الأبواب العمانية مفتوحة أمام الجميع “تحت كل الظروف” بما يعكس صحة النهج العماني ومصداقيته ورؤيته الإستراتيجية التي تتجاوز المتغيرات لحساب الثوابت. والسادسة أنه لم يتردد في القيام بأي خطوة تساعد الشعب الفلسطيني على السير في طريق السلام التي “اختطها لنفسه”. والسابعة أنه يولي اهتماماً عميقاً ومبكراً بالأمم المتحدة باعتبارها المنظمة الدولية “الأم” التي تسعى إلى تحقيق السلام والأمن الدوليين وبالعمل من خلال منظماتها المتخصصة العديدة، فقد امتدّت اهتماماته إلى دعم جهود منظمة اليونسكو لاستكشاف “طرق الحرير” التاريخية وتخصيص جائزة دولية للبيئة يتم منحها كل عامين من خلال تلك المنظمة أيضاً بدأ منحها بالفعل منذ العام 1991م.
هكذا يبدو أن السلام بمفهومه الشامل يأتي فى إطار رؤية عمانية متكاملة حدد هو ملامحها باعتبارها إحتياجات للحاضر ومتطلبات ضرورية للمستقبل، حيث يشغل العمل من أجل تحقيقه مساحة واسعة وأولوية كبرى على كافة الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية. ولعل ما يعزز تلك الحقيقة قوله “إن السلام مذهب آمنَّا به ومطلب نسعى إليه دون تفريط أو إفراط”، وإذا كان رجلاً من رجال السلام العالمي فهو لا يقف مع سلام الضعفاء إنما يناصر سلام الأقوياء مؤكداً بأن السلام الحقيقى هو الذي يستند إلى قوة تحميه وتصونه وترعاه، قوة الردع التي تحفظ التوازن لأن الحديث عن “سلام الضعفاء” ليس إلا استسلاماً حقيقياً، وهو سلام محكوم عليه بالفشل أياً كانت ألوان أغلفته البراقة.
والسلام الذي تؤمن به سلطنة عمان ليس سلام الضعفاء الذين لا يقدرون على رد العدوان والمحافظة على كيان الدولة واستقلالها وسيادتها إنما سلام الأقوياء “الذين يُعدّون للأمر عدّته كما أمر الله”، وإن هذا المفهوم يعني القيام بتطوير القوات المسلحة وكافة أجهزة الأمن وتزويدها بأسباب القوة الممكن توفيرها لتمكينها من أداء دورها فى حماية الدولة وسلامة أراضيها وكفالة الأمن والطمأنينة لمواطنيها والمقيمين فيها. وهذا الفهم لضرورات السلام العادل المسنود بالقوة ليس فهماً قاصراً على الحدود العمانية إنما هو قابل للتطبيق على الصعُد القُطرية والقومية والعالمية كافة. كما أن الدعوة أيضاً إلى إنصاف المظلومين هي في حقيقتها دعوة عدل وسلام، فهو يدعو صراحة إلى محاربة “الظلم والاستبداد، والتصدي لسياسات التطهير العرقي وامتهان كرامة الإنسان ومجابهة احتلال أراضي الغير وإنكار حقوقه المشروعة، والسعي إلى إقامة ميزان العدل إنصافاً للمظلومين وترسيخاً للأمن والسلام والطمأنينة في مختلف بقاع الأرض”.
حوار الديانات..والمذاهب
عُمان تبذل جهوداً غير منكورة من أجل تعميق مفهوم التعايش والتسامح الذي أصبح حاجة كونية ملحّة حيث سعت إلى ترسيخ مبادئ احترام الحريات الدينية، ما يبدو واضحاً في جهودها الحثيثة الهادفة إلى زيادة التواصل مع الآخر، فكان تأسيسها لمراكز “الحوار مع الديانات والمذاهب المختلفة”، وإنشاء الكراسي العلمية في الجامعات الدولية التي تنشر المفهوم الحقيقي للدين الإسلامي كونه ديناً يدعو للسلام والتعايش السلمي، حريصة على إقامة معرض متنقل يجوب دول العالم لينقل تجربتها في التسامح الديني والتعايش السلمي، فضلاً عن تنظيمها للعديد من الندوات والمؤتمرات المعنية بنشر تلك المبادئ وتعميمها، الأمر الذي يؤكد النهج الثابت للسلطان قابوس الرافض للتعصب الديني والطائفي، فهو القائل بأن: “الفكر متى ما كان متعدداً ومنفتحاً لا يشوبه التعصب كان أقدر على أن يكون الأرضية الصحيحة والسليمة لبناء الأجيال ورقي الأوطان وتقدم المجتمعات”.
وضمن هذا المفهوم الصحيح لطبيعة الإسلام الوسطية السمحة، جاء انعقاد ندوة “تطوّر العلوم الفقهية” التي اعتادت السلطنة تنظيمها تحت عنوان “الفقه الإسلامي ..المشترك الإنساني والمصالح” في حضرة مائة عالم ومفكر وباحث يكشفون عن مفاهيم الاشتراك في الحياة بين المسلمين أنفسهم ومع غيرهم في الوطن الواحد والعالم من خلال الدراسات الفقهية المعمقة والاجتماعية المكتسبة والتربوية النظرية والآراء المذهبية المقارنة، كما سبق لها أن تبنت مؤتمرات متعددة تستهدف التقريب بين المذاهب الإسلامية المختلفة.
وحرصاً من جانبها على ترسيخ الفهم الصحيح والمعتدل للدين الإسلامي الحنيف “بعيداً عن الغلو والتطرف” الذي أدّى إلى انتشار صور نمطية غير صحيحة للإسلام والمسلمين، ومن أجل توسيع نطاق التواصل الثقافي والحضاري بين الشعوب جاءت سلسلة المعارض الخارجية لتوضح صورة الإسلام وإبراز تجربة التعايش والتسامح الديني في عمان حاملة عنوان “رسالة الاسلام” متنقلة بين ثمانٍ وأربعين محطة في مختلف قارات العالم بلغ عدد زوارها أربعة ملايين ونصف المليون زائر.