تفاصيل غواية كبرى انتهت إلى إطلاق شرور الفتنة النائمة من قمقمها
ألغام سياسية وأمنية بين “الأشقاء” لاتزال قابلة للانفجار..فهل يمكن نزعها؟
غزو العراق أكبر جريمة “سطو مسلح” في التاريخ البشري على ثروات الشعوب
انهيار المناعة حول الجسد العربي الى وليمة حافلة للمتربصين ينهشون أنسجته على طريق النهاية المحتومة
مسرحية الدواعش قدمت فصولها خدمات جليلة لخصوم الإسلام..والعرض لايزال مستمرا؟
جلسة حوارية شهدتها احدى قاعات معرض القاهرة الدولي للكتاب في يوبيله الذهبي هذا العام كانت حول كتاب “أوطان أيلة للسقوط” ،وذلك بحضور مؤلفه الزميل عاصم رشوان،الى جانب شخصية خليجية بارزة – الشيخ سيف بن هاشل المسكري – كانت قد شكلت محورا مهما في مجريات الأحداث التي يسجلها الكاتب خلال سنوات شهدت تحولات كبرى في منطقة الخليج على وجه الخصوص باعتباره شاهد عيان من داخل كواليس مجلس التعاون الخليجي حيث كان يشغل منصب أمين عام الشئون السياسية لمجلس التعاون الخليجي الذي يدخل ضمن اختصاصاته الشئون الاعلامية والعسكرية والأمنية أيضا.
خلال الجلسة كشف المؤلف عن أن الكتاب – الذي تمت صياغته أواخر العام 2009م – لم ير النور الا أواخر العام 2015م ،وذلك بفعل خضوعه لمراجعات عديدة أسفرت عن “استبعاد طوعي” للعديد من الأحداث التي تشكل ألغاما سياسية وأمنية لاتزال قابلة للانفجار بين بعض الدول العربية….وأن حقائق بالغة الاهمية كشفها الامين العام السابق للشئون السياسية لمجلس التعاون الخليجي من داخل مطبخ القادة الخليجيين خضعت هي الاخرى للاستبعاد الطوعي!..وعلى الرغم من أن نشر الكتاب في موعده نهاية العام 2009م كان سيشكل نوعا من النبوءات التي تحقق كثير منها بالفعل الا أن أمانة الالتزام ببعض الضوابط المهنية والاخلاقية والسياسية والأمنية فرضت التأخير”….” لكن ذلك لايمنع من القول بأن فصوله تتضمن انذارات واضحة أقرب الى الاستغاثات من مخاطر تهدد الأوطان في أكثر من موقع على “الخارطة العربية الراهنة” مشكلة رأسا لجبل من الجليد الغاطس سرعان ما يطفو تباعا ليكشف عن أحداث جسام لاتزال في طريقها الينا؟؟
غضب الألهة؟
يبدأ الكتاب – الذي قد يتم عرض تفاصيله لاحقا – بمقدمة أسطورية اغريقية مثيرة معبرة بشكل دقيق عن واقع الحال في منطقتنا العربية،وخاصة الخليجية منها،بكل ما تحمله من دلالات مؤسفة.
تقول الأسطورة إن “بانادورا” التي تعني بالإغريقية “المرأة التي وهبت كل شيء” كانت أول امرأة وجدت على ظهر الأرض..خلقت بأمر الإله “زيوس”..منحت العديد من المزايا.
البطل الشهير “بروميثيوس” قدم خدمات جليلة لإله الإغريق الوثني “زيوس” الذي وهبه الأرض كلها باعتبارها مكفأة مجزية، وما أن أصبح مسؤولا عنها حتى قرر تعليم الإنسان كثيرا من المحرمات التي أخطرها “سر النار” الذي سرقه من الآلهة ليصبح قادرا على إشعالها واستخدامها..عندها قررت الآلهة معاقبته بصرامة فربطوه بين جبلين ليأتي مع كل يوم طائر جارح عملاق يأكل كبده حتى إذا جاء الليل نبت له كبد جديد..وهكذا تواصلت آلامه ومعاناته اليومية إلى أن جاء البطل “هرقل” ليخلصه من هذا العذاب القاتل..ثم عاد “بروميثيوس” للبشر مرة أخرى ليستقبلوه بالفرح والسعادة..لكن الآلهة كانت بالمرصاد فقررت الانتقام بطريقة أكثر شراسة وأشد عذابا ..فكانت..بانادورا؟!
تقول الأسطورة أيضا إن الإله “زيوس” كلف إله النار والحديد “فولكانو” بصنع هذه المرأة – في إشارة إلى طبيعتها النارية- وتم استدعاء الآلهة الآخرين لتقديم هداياهم إليها حيث كان الجمال والحب هدية “فينوس”، ومنحتها “مينرفا” بعض الذكاء، وأعطتها “لاتونا” قلب كلب ونفس لص وعقل ثعلب!
نزلت “باندورا” إلى الأرض لتثير صخبا عارما وسط عالم كله من الرجال..إنها ملكة جمال العالم حيث لايوجد سواها.. بدأت تلقي شباكها حول “بروميثيوس” الذي كان ذكيا وحكيما فتجاهلها تماما..لكن أخاه “ابيمثيوس” وقع في غرامها بسرعة فائقة وراح يلح في طلب الزواج منها فوافق أخوه على مضض..وعاش “العريس” أياما لاتوصف من السعادة.
أرسل الإله “زيوس” مبعوثه “هرمز” بهدية للزوجين السعيدين عبارة عن “صندوق مغلق” رفض “ابيمثيوس” فتحه لكن زوجته “بانادورا” راحت تلح عليه أن يفعل مدعية أن أصواتا تناديها من داخله تعدها بالسعادة المطلقة..أو ربما هي الكنوز التي لاتفنى..تجلس الليل والنهار إلى جواره تتخيل مابداخله يخنقها الفضول كأية انثى في الأساطير وربما في الحقيقة أيضا.
أخيرا..انتهزت فرصة غياب زوجها وقررت فتح الصندوق..وما أن فعلت حتى أظلم العالم من حولها وخرجت أرواح شريرة يحمل كل منها اسما مخيفا من بينها “النفاق والمرض والجوع والفقر”.. وأخذت المسكينة تدور حول نفسها محاولة إغلاقه لكن دون جدوى..تمكنت في النهاية من إغلاقه بالفعل لكن بعد فوات الأوان فقد وقعت الكارثة.. تحولت الجنة السعيدة إلى جحيم حقيقي للبشر!
ليتها لم تقدم على فتح الصندوق منذ البداية.. فلو أنها لم تفعل لكانت البشرية تعيش كلها في جنة “حسب الأساطير الإغريقية”…ربما لذلك بقي مصطلح “صندوق بانادورا” مؤشرا إلى مصدر انبعاث كل الشرور والآلام..إنه صندوق الشيطان!
الشجرة المحرمة
وتقول مقدمة الكتاب أيضا: كنا خير أمة أخرجت للناس نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر فوهبنا الله الواحد الأحد الفرد الصمد نعما لاتعد ولاتحصى..ثروة هائلة لم يهبها من قبل لأحد من العالمين..فتح علينا بركات من السماء والأرض..حذرنا من الشرك باعتباره ظلما عظيما..ومن عبادة الشيطان كونها ضلالا بعيدا.
لكن..وفيما يبدو واضحا لكل ذي بصر وبصيرة كفرنا بأنعم الله فتحولت النعمة إلى نقمة..وأمر الله مترفينا ففسقوا وعم الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدينا..نسفك الدماء وننتهك الأعراض..نهلك الزرع والنسل..لانتناهى عن منكر فعلناه..اتخذنا آلهة من دون الله الواحد القهار لعلهم ينصروننا فوقعنا في شرور أعمالنا..كان إصرارنا أكثر من أبينا آدم على أن نأكل من الشجرة المحرمة ظنا خاطئا أنها الطريق إلى الخلود ولملك لايفنى ولنعم لاتنضب وسعادة لاتعرف الحدود..أسأنا التقدير فبدت لنا سوءاتنا، لكننا هذه المرة لم نكن محظوظين بأوراق التوت التي سترت عورات أبوينا في الجنة ذلك لسبب بسيط هو أننا لسنا هناك بل هنا على الأرض التي منها خلقنا وفيها نموت ومنها نبعث أحياء.
أسأنا استخدام الثروة فكانت معينا لنا على تدمير أنفسنا..راح بعضنا يمول الحروب والدمار ويدعو للقتل والتدمير والخراب في أكثر من مكان..سمحنا “لأصدقائنا” بالأذان للجهاد في أفغانستان من فوق مآذننا واهمين بأننا نمشي على طريق الصواب نحارب أعداءنا الملحدين حتى تكون كلمة أصدقائنا هي العليا في الأرض..تحققت الأهداف ليتحول مجاهدو الأمس إلى “إرهابيين” حتى في بلادهم التي كانت تحشدهم من قبل أفواجا مغررين بهم تحت دعاوى الجهاد الباطلة إلى مشارق الأرض ومغاربها..انقلب السحر على الساحر..سقط الاتحاد السوفييتي الذي تحول إلى ولي حميم لأعداء الأمس، لكن “الوسواس الخناس” لايهدأ من بين شياطين الإنس والجان.. ماكينة الشر لابد لها من الدوران فكانت “مسرحية” برجي التجارة في نيويورك لتبدو في الأفق ملامح عدو جديد ضد الإنسانية كلها يستوجب إعلان حرب لايعرف أحد لها نهاية..تحولت أرض “الجهاد الأمريكي” في أفغانستان إلى هدف معلن يتعرض للقصف من كل مكان ..وجاءت مسرحية أخرى اسمها “غزو الكويت ثم تحريرها”..ثم تدمير العراق بحجة حيازته أسلحة دمار شامل ثبت لاحقا أنها “كاذبة كاذبة كاذبة”..وكانت النتيجة الماثلة أمام الجميع أننا ارتضينا لأنفسنا البقاء في موقع المفعول به طوال الوقت بينما الآخرون من “أصدقائنا” هم الفاعلون لما يشاءون بنا وبأوطاننا وأهلنا.
ومع التسليم بأن الغزو الأمريكي للعراق وتدميره شكل أكبر جريمة “سطو مسلح” في التاريخ البشري على ثروات الشعوب، إلا أنه فتح بوابة الجحيم على المنطقة والعالم أجمع..فقد تهشم “صندوق الشيطان” لتقفز منه شرور الطائفية والمذهبية والعرقية والمناطقية متطايرة في كافة الأرجاء العربية والإسلامية، وفي قلبها منطقة الخليج العامرة بمقومات الفتنة، منذرة بمسلسل من التداعيات مازالت حلقاته شاخصة أمام أبصارنا..آخر حلقاته “داعش وأخواتها” التي لطخت وجه الإسلام الجميل وأساءت إليه وجعلت معتنقيه يتوارون خجلا من العالمين، فتلك التنظيمات التي صنعوها على أعينهم نجحت في تشويه دين السلام والمحبة الذي يدعو إلى التعارف بين الشعوب والقبائل دون تمييز..ولو أن أعداءه أنفقوا ما في الأرض جميعا ليفعلوا ذلك ما فعلوه مثلما تنجح في أدائه”الجماعات والمجموعات والتنظيمات”.!
في هذا الكتاب – أوطان أيلة للسقوط – يلقي الكاتب الضوء على حقائق قد تبدو غائبة عن الكثيرين..يكشف عن تفاصيل “الغواية الكبرى” التي انتهت إلى إطلاق شرور الفتنة النائمة من قمقمها لتطال الحرث والنسل..وتجعل من الأوطان هياكل آيلة للسقوط ممزقة نسيجها الاجتماعي منتهكة لكل المحرمات بعون ورعاية من الذين يفترض انهم قائمون على صيانتها وتأمينها.
كيف تسير الأمور على الأصعدة القطرية والخليجية والعربية..وماذا فعلت النفوس البشرية الأمارة بالسوء بنفسها وبغيرها..وكيف تلعب المصالح الشخصية أدوارها الحاسمة على حساب المصلحة العليا..لماذا يكافأ الفاسدون والمطبلون والمنافقون بينما يتعرض المخلصون والأوفياء للويل والثبور وعظائم الأمور؟
فصول الكتاب الخمسة عشرة – والتي تقع في مائتين وخمسة وأربعين صفحة من القطع المتوسط -توثق متابعات لمراقب ظل يرصد ما يجري في سلطنة عمان ومنطقة الخليج وما حولهما لأكثر من ثلاثين عاما “تارة عن بعد وأخرى عن قرب” كانت كلها مشحونة بالأحداث التي غيرت وجه المنطقة، ولاتزال تواصل تغييره وربما خرائطه السياسية والاجتماعية.
من أبرز تلك الوثائق شهادة من وراء الكواليس يسجلها الكاتب مع الأمين العام المساعد للشئون السياسية الأسبق لمجلس التعاون الخليجي – الشيخ سيف بن هاشل المسكري – الذي كان شاهدا على حالة الارتداد والردة إلى زمن “ملوك الطوائف” الذين بكوا عروشهم كالنساء حين فشلوا في الحفاظ عليها كما الرجال!
…وفي الخاتمة
يقول الكاتب في خاتمة كتابه:حين يعجز جسد الإنسان عن مقاومة البكتريا الضارة والميكروبات والفيروسات المسببة للأمراض،فذلك يشير إلى ضعف الجهاز المناعي الداخلي الذي يستوجب العمل على تقويته من خلال المحفزات والمنشطات إن كانت الحالة لاتزال ممكنة العلاج،أما اذا جاءت متأخرة فسوف تتداعى تلك الكائنات الضارة على هذا الجسد في وليمة حافلة تنهش أنسجته وتنخر عظامه أخذة إياه إلى نهايته المحتومة.
تلك حقيقة علمية قابلة للقياس على الحالات المرضية التي قد تتعرض لها الأوطان،فحين يفقد الوطن “أي وطن” مناعته الذاتية المتمثلة في وحدة وتماسك نسيجه المجتمعي بفعل غياب الثقة بين الحاكم والمحكوم وغياب العدالة وافتقاد القدوة الحسنة وسيادة المصالح الشخصية على حساب المصلحة الوطنية العليا وهيمنة الفساد وتنفذ الفاسدين..عندها يمكن القول باطمئنان إن هذا الوطن بات في مهب الريح..وعندها أيضا لن تجدي المسكنات أو محاولات “الترقيع” نفعا،ويبقى الأمل الوحيد المتبقي هو “الجراحة العاجلة” بمباضع جراحين مهرة يعرفون جيدا مواضع الداء محسنين صنعتهم باستئصال المسببات؟..فالحديث عن مخاطر خارجية “إن صحت” دون النظر الى المخاطر الداخلية “وهي صحيحة” يصبح نوعا من اللهو والعبث بمقدرات الأوطان من خلال محاولة خلط الأوراق وتغييب الشعوب.
شد الأطراف..ومخلب القط
ويضيف أيضا: من هذا المنطلق،يبدو القلق الخليجي من دور إيراني في المنطقة سابقا لأوانه رغم التسليم بحتميته التي تفرضها متغيرات التاريخ وحقائقه وثوابت الجغرافيا وحتميتها،مع ضرورة الاعتراف في ذات الوقت بأن الدول العربية هي التي أمسكت بالمعاول لتهدم أمنها القومي بيديها حين تحالفت مع “الشيطان” لتكسير الجدار الشرقي من البيت العربي الكبير ضمن استراتيجية صهيونية يعرفها أستاذ العلوم السياسية الدكتور العلامة حامد ربيع رحمه الله أواخر ثمانينيات القرن الماضي بسياسة “شد الأطراف”،حيث كان العراق أول تلك الأطراف التي خضعت للشد والجذب الى أن تقطعت أوصاله وتهتك نسيجه الاجتماعي من خلال استفزاز “مارد المذهبية” الذي خرج من القمقم بفعل فاعلين واخضاعه لبرامج تغذية مكثفة لتسمينه تمهيدا لفتح الطريق أمامه الى مواقع أخرى،وهو ما حدث بالفعل ويحدث الأن وغدا وربما بعد غد في كل من سوريا ولبنان ممولا بعشرات مليارات الدولارات المدفوعة من خزائن عائدات النفط التي هي ملك الشعوب العربية في الخليج،ويبدو أن تلك الأموال حاضرة دائما في خدمة شياطين القتل والدمار في كافة البؤر التي خضعت للتسخين بفعل فاعل أيضا كما حدث في “حروب الخليج” التي لاتبدو لها نهاية في المستقبل المنظور بدءا من إشعال فتيل الحرب العراقية الإيرانية التي أكلت الأخضر واليابس على مدى ثماني سنوات لتنتهي عند نقطة الصفر،ولتبدأ حرب جديدة أطلقوا عليها “زورا وبهتانا”حرب تحرير الكويت التي لعب فيها نظام صدام حسين دور”مخلب القط” تحت تأثير غواية الاشقاء الظانين ظن السوء أن “الأفعى ستموت بسم العقرب” وأنها فرصة مؤاتية لدفن العمالقة بأيدي الاقزام،وتحت تأثير خداع الأصدقاء الذين أفلحوا في ارتكاب أكبر جريمة سطو مسلح على منابع الطاقة النفطية في تلك البقعة الهامة والحيوية من العالم لتكون لهم “منصة انطلاق” إلى استكمال مخططاتهم الشيطانية وإعادة رسم الخرائط السياسية على أسس طائفية ومذهبية وعرقية تفتح الباب على مصراعية لحروب قد تمتد إلى مائة عام أو يزيد؟
سياسة شد الأطراف بفعل أدوات متباينة من موقع آخر كانت حاضرة بنجاح عندما انفصل جنوب السودان عن الوطن الام بمباركة حكامه ومن حولهم “تحت عباءة الدين هذه المرة” حيث جرى الترويج الداخلي لفصل الجنوب “المسيحي الكافر” عن الشمال “المسلم الطاهر” بينما كانت الحقيقة المؤلمة طمعا في “جنة الشيطان” الوهمية.
وبفعل فاعل عربي وضوء أخضر من جامعة الدول العربية التي يسمونها “بيت العرب” راحت جحافل “الناتو” تدك الشقيقة ليبيا تحت ذريعة الانتصار لثورة شعب ثار ضد ديكتاتور ظالم تبين لاحقا لمن يريد أن يرى الحقيقة البادية كقرص الشمس في وسط النهار أنها شعار “حق يراد به باطل” فقد كانت مصنوعة بامتياز حتى أن مئات الألاف من أعلام “العهد الملكي” انتشرت فجأة بطول البلاد وعرضها..كما أن العقيد القذافي الذي ظل يحكم ليبيا أربعين عاما تم قتله بدم بارد وبطريقة بشعة “مع سبق الإصرار والترصد” على الهواء مباشرة بينما كان من الممكن القبض عليه وتقديمه للمحاكمة التي يبدو أنها لم تكن مرغوبة..فمن الأفضل دفن الماضي حتى لايفضح أخرين كانت قاماتهم تنحني أمام العقيد خوفا من سيفه أو طمعا في ذهبه.
وبفعل فاعل عربي وصلت اليمن الى نقطة اللاعودة التي لن يكون بعدها غير الحرب الاهلية بعد ان وقف الحوثيون بمذهبهم الشيعي ومن والاهم في جانب،وعلى الجانب الآخر تنظيم القاعدة ومن والاه بمذهبهم السني كما يقولون..وبينهما قبائل تفرقت على الجانبين..وفي الخلفية مطامع وأهداف يعمل أصحابها على تحقيقها من خلال النفاذ الى مواقع استراتيجية تضمن الاحتفاظ بأوراق رابحة للمساومة عليها في ملاعب الكبار..فالبعض لايزال يحفظ وصية الأباء والاجداد المؤسسين بأن الخير يأتي من اليمن كما الشر أيضا…بينما يتطلع أخرون الى استكمال الهلال الشيعي البحري بالسيطرة الحوثية على مضيق”باب المندب” إلى جانب مضيق هرمز الاستراتيجي المتحكم فيما يزيد عن 60% من تجارة النفط العالمية.
وبفعل فاعل عربي أو فاعلين تحول النفط من نعمة وهبنا الله إياها الى نقمة عندما أسأنا استثمارها فراحت مداخيله تتبعثر ما بين تمويل الفتنة النائمة وشراء الولاءات الزائفة وإسالة الدماء وإزهاق الأرواح البريئة وتكديس السلاح الذي لايستخدم إلا في مواجهة الشعوب تخويفا وقمعا..كان التبذير هو العنوان..والله لايحب المبذرين باعتبارهم إخوانا للشياطين..وكان الشيطان لربه كفورا!
مسرحية الدواعش
أغلب الظن – يقول الكاتب – أن ما حدث من دخول سهل لمقاتلي تنظيم ما يسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروفة اختصارا بالحروف الأربعة “داعش” الى مدينة الموصل الاستراتيجية الغنية بالنفط والسيطرة عليها في شمال العراق بعد “انسحاب غامض ومريب” لقوات الجيش والشرطة العراقية والتخلي عن أسلحتهم خفيفة كانت أم متوسطة اوثقيلة بما في ذلك الطائرات،وكذلك التقدم السريع والخاطف الى محافظات صلاح الدين حيث أضخم مصفاة نفط عراقية في “بيجي” ،والسيطرة الواضحة في مناطق حيوية أخرى من ديالى بعد الانبار في الغرب العراقي مهددين عاصمة الرشيد..وأخيرا تقدمهم الصاعق للجميع نحو الحدود السورية التركية رغم أنف “غارات التحالف” التي قالت أنها باكورة حرب عالمية جديدة ضد الإرهاب.
أغلب الظن أن هذا الذي جرى متلاحقا في الشمال على أرض العراق وسوريا يصعب عزله عما جرى في جنوب شبه الجزيرة العربية على أرض اليمن حيث دخل الحوثيون الى صنعاء بنفس الطريقة تقريبا..فقد استسلمت قوات الجيش والشرطة أو امتنعت عن مقاومة “جند الله” ما جعلهم يفرضون سيطرتهم الكاملة على العاصمة في غضون ساعات ليبدأوا رحلة أخرى في الطريق المرسوم الى ميناء “الحديدة” على مشارف باب المندب!
الجائزة الكبرى..نوبة استيقاظ
ويقول الكاتب محذرا : إننا بحاجة الى “نوبة استيقاظ” لنعرف ماذا يجري حولنا باعتباره المفتاح لانذار نأمل ألا يكون “متأخرا” لما يمكن أن يصعقنا في الغد القريب..فما جرى في العراق وسوريا شمالا واليمن جنوبا كان في ذات التوقيت تقريبا وبنفس السيناريو يؤشر الى أن المخطط واحد رغم تنوع الأدوات وتعددها..انه مخطط “شد الأطراف” الذي سوف يكتمل بالعبث في دول مجلس التعاون الخمس والأطراف الشرقية للمملكة العربية السعودية..وكل من المغرب والجزائر على الأطراف الغربية للخارطة السياسية العربية،حيث سيعني تحقيق النجاح عندها،حتى أن كان محدودا، الانتقال إلى القلب..مصر وليس غيرها التي هي “الجائزة الكبرى”..!
هل نقاوم الاستيعاب؟
يقول الكاتب أيضا : نعم..المستهدف تماما هو ما أعلنته السيدة المحترمة جدا..والصريحة جدا ..والشفافة للغاية مستشارة الرئيس الأمريكي السابقة للأمن القومي “كوندوليزا رايس”..إنها الفوضى الخلاقة..فوضى التفكيك وإعادة التركيب وفق معايير جديدة تخدم الأهداف المحددة سلفا..فوضى التدمير ثم إعادة الاعمار..فوضى صناعة الجماعات الإرهابية التي تتخذ من الدين الإسلامي بالذات شعارا لها ثم اعلان الحرب العالمية عليها بعد تضخيم مخاطرها وإظهار بشاعتها وبربريتها وهمجيتها إعلاميا من ذبح وقطع للرؤوس وسبي للنساء واغتصابهن لصناعة انطباعات وصورة ذهنية تلتصق بعقول الملايين حول العالم ووجدانهم بأن هذا هو الإسلام الذي لايستحق التعاطف او الرحمة ان تم ضربه وتجفيف منابعه التي هي بالطبع المنطقة العربية،ثم اشعال الحروب الطائفية والمذهبية التي بدأت شراراتها بالفعل!
شكرا “رايس”..كانت واضحة..والشكر موصول من قبلها للسيد “هنري كيسنجر” وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية الأسبق الذي نقل عنه القول قبل أكثر من أربعين عاما في أعقاب حرب أكتوبر 1973م ردا على استخدام العرب – وفي مقدمتهم الملك فيصل والشيخ زايد رحمهما الله- سلاح البترول لنصرة الحقوق العربية أن بلاده سوف تجعل “برميل النفط أرخص من برميل المياه”.. لكن اصرارنا يتزايد يوما بعد يوم..وعاما يتلوه آخر..وعقدا وراء عقد على ممارسة هوايتنا المفضلة..خداع النفس ودفن الرؤوس في الرمال.
حضر الجلسة الحوارية وشارك فيها عدد من كبار الكتاب والصحفيين والاكاديميين..وفي مقدمتهم كل من الأساتذة محمد الهواري عضو الهيئة الوطنية للصحافة ورئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم الأسبق ،وجلاء جاب الله رئيس مجلس إدارة دار التحرير السابق،والعزب الطيب الطاهر ناب رئيس تحرير الاهرام،وعادل سعد رئيس مركز الهلال للتراث الصحفي ومدير تحرير المصور،وزكريا أبوحرام مدير تحرير مجلة أخر ساعة،وانتصار دردير رئيسة تحرير أخبار النجوم السابقة،وياسر عبيدو نائب رئيس تحرير الطبعة العربية لصحيفة الاهرام ،والدكتورة سامية حبيب أستاذة النقد الفني والادبي،والفنانة التشكيلية رنا شريف حتاتة،والإعلامية أميرة حجاب،وذلك الى جانب عدد من زوار معرض القاهرة الدولي للكتاب.