نعترف بداية بأن الاقدام على إصدارات صحفية غير ممولة أو”مسنودة” في تلك الحقبة الزمنية يشكل نوعا من أنواع الانتحار المادي؟ وقد تلقينا بالفعل تحذيرات من الأصدقاء بأن الفشل سوف يكون مصيرا محتوما لأية إصدارات تجاهد من أجل الاستقلال محتفظة بمسافة معقولة بينها وبين ثنائية المال والسلطة دونما خصام أو صدام مع أي منهما!
وعلى الرغم من تلك التحذيرات الصديقة – والتي نقدر لها دوافعها بالتأكيد – الا أن الحلم والأمل كانا هما الغالبان على قرارنا بخوض التجربة واثقين دون غرور من قدراتنا ان هي تحررت من كل أشكال الوصاية والتبعية،وبقيت ضمن اطار من المهنية التي هي في الأصل تعني الموضوعية في الطرح والمصداقية في التعامل بعيدا عن موجات الاسفاف العالية التي تكاد تغرق اعلامنا العربي في الوحل والتنابذ ،والانحدار الى مستويات غير مسبوقة من التدني الذي بلغ الى حد استخدام ألفاظ وعبارات خادشة للحياء لم نعهدها من قبل سواء في اعلامنا المقروء أو المسموع أو المرئي أو الالكتروني الذي أصبح حاضرا دونما استئذان في كل بيت ممارسا لدور هدام على كافة المستويات التي تبدأ بهدم المنظومة الأخلاقية للمجتمعات ولاتتوقف عند اغتيال مستقبل الأوطان عبر الترويج لأفكار مغلوطة وأخبار ملونة وملوثة ومنقوصة، وأحداث مصنوعة تحركها عوامل عديدة من بينها شهوات الكسب المالي السريع حتى بات الكثير من تلك الوسائل والوسائط أشبه ما تكون بأوكار تجارة المخدرات وعلب الليل فسادا وافسادا بعضها أصبح مكشوفا للعامة بينما “ماخفي منها هو الأعظم”؟!
وسط هذه الأجواء الصاخبة والأصوات الناعقة كما البوم والغربان – المنذرة بمخاطر قادمة لايعلم مداها الا الله- أصبحنا أكثر قناعة بضرورة المغامرة وخوض تلك التجربة التي لاندعي من خلالها لأنفسنا المثالية أو المهنية دون غيرنا،وانما نعاهد قراءنا ومتابعينا على الالتزام بالصدق في القول والموضوعية في التناول،مخاطبين العقول مبتعدين عن دغدغة المشاعر تحت أية مسميات أوعناوين مهما كان بريقها.
لن نكون معنيين هنا باللهاث وراء سيول الأخبار المتدفقة بالحق والباطل بقدر اعتنائنا بالبحث والتحري والتدقيق فيما وراء الأحداث على تنوعاتها مدركين أهمية الوعي بحقيقة مايجري من حولنا ليس في مجتمعاتنا المحلية أو محيطنا العربي والإقليمي فقط،وانما في العالم أجمع،والذي تحولت أحداثه في جملتها وتفاصيلها الى أوان مستطرقة يتأثر كل منها بالأخر ويؤثر فيه،موقنين بأن رسالة الاعلام هي بالأساس رسالة محبة وتأخي بين شعوب الأرض قاطبة دون تمييز أو اقصاء،وأن دوره هو العمل من أجل التواصل الثقافي بين الأمم خدمة للحضارة الإنسانية التي لن ترتقي الا بمشاركة الجميع،لكن قطارها لن يبقى متوقفا بانتظار النائمين حتى يستيقظون أو المتثائبين كي يستفيقون!
رسالتنا العمل من أجل تحفيز الهمم الساعية الى التعمير والبناء وليس الى التدمير والتخريب..والسعي الدؤوب الى بعث الأمل الذي يخبو أويكاد في النفوس بأن المستقبل يمكن أن يكون أفضل بالجد والاجتهاد وليس بالتواكل والاعتماد على الأخرين،والتأكيد على أن الحقب المظلمة في حياة الأمم والشعوب ليست سوى جملا اعتراضية في صفحة التاريخ الممتد للبشرية منذ بدء الخليقة والى أن تقوم الساعة،ولعل هذا هو السبب المحوري في اختيارنا لاسم هذا الإصدار – الزمن – باعتباره يعني فيما يعنيه الصيرورة وعدم التوقف عند فترة زمنية بعينها أو شخوص بذواتهم،متفائلين بقدراتنا على تحقيق الاستمرارية مقاومين لعناصر الفشل ومصادر انتاجه التي لا تتوقف ماكيناتها عن العمل؟!
مهمتنا لن تقتصر على معالجة القضايا السياسية أو الاقتصادية كما قد يظن البعض،وانما هي تقارب القضايا الفنية والرياضية والثقافية والاجتماعية أيضا،ولكن ليس بمنطق “التسطيح” ومخاطبة الغرائز،والتدني في أساليب التعاطي مع كل ذلك،وانما بالمعالجة الموضوعية بغية الارتقاء بالأداء وتحسينه بعيدا عن الهبوط بالمستوى إرضاء للقارئ وليس احترام عقليته.
عهدنا أن نتصدي بصلابة لكل المؤامرات – أيا كان مصدرها – التي تستهدف النيل من سلامة الدولة الوطنية ومؤسساتها طمعا في نشر الفوضى باعتبارها المدخل الطبيعي الى تمزيق الجبهة الداخلية وهدم الأوطان.
سوف نبقى على الدوام عاملين بجد واجتهاد من أجل رصد الواقع،وساعين قدر المستطاع الى تقديم رؤية لمستقبل أفضل..على أمل ورجاء أن نتمكن من النجاح بمساندتكم وعونكم ومؤازرتكم لنا بالمتابعة والتواصل ،مرحبين بانتقاداتكم البناءة،شاكرين لمن يهدي لنا عيوبنا.
ويبقى الشكر واجبا لكل الأصدقاء والصديقات..الزميلات والزملاء الذين قبلوا التحدي من أجل اخراج هذا الإصدار الى دائرة الضوء مولودا جديدا يبعث الأمل في النفوس بمستقبل واعد في عالم يسوده الأمن والاستقرار متوجا بالتأخي في وجه دعاوى التفرقة والتشرذم..مزدانا بالمحبة في مواجهة الكراهية والمرجفين والفسدة والمفسدين.. والطغاة.
رئيس التحرير