شهرية ..مستقلة

الثلاثية المفقودة في المسرح العربي؟

0

“الزمن” تحاور د.علاء قوقة ..نجم المسرح المصري

حوار: أمنية طلعت

دراما جيدة تعالج قضايانا المجتمعية.. التركيز على الإعلان والتسويق .. نشر ثقافة المسرح بين الأطفال

شعرت بالغبن “يوم أن قتلوا الغناء” وتوقعت الفوز في “مسافر ليل”؟

الفيديو والسينما صناعة …والإبداع الحقيقي في المسرح فقط

التمثل بالتقمص مضر للعملية الفنية ولذلك ابتكرت نظرية ” حرفية الممثل”؟

أدائي في “مسافر ليل” أعلى من “بلاد السعادة” ..والسبب صلاح عبد الصبور

هو لا يحلم أثناء نومه ربما لأنه كما يقول؛ ينام بعد يوم من العمل الشاق وربما لأنه رجل يفضل الفعل على الحلم، الدكتور علاء قوقة مثال حي على الأستاذ الأكاديمي الملهم لطلابه، وهو بلا منازع نجم المسرح المصري الآن، تلهمه مسرحية “عروس النيل” الشعرية ليسري خميس ويطمح لإخراجها ذات يوم، بينما يعشق مسرحيات إبراهيم الرفاعي، ويتمنى أن يلعب دور ماكبث في مسرحية شكسبير الشهيرة، أو دور كرابو في “الكمامة” للكاتب الإسباني ألفونسو ساستري، أما دور عمره الذي عاش كثيراً متطلعاً إلى أدائه على خشبة المسرح، فقد حقق به نجاحاً باهراً على الساحة المسرحية المصرية واستمر عرضه لمدة عامين، وهو دور عامل التذاكر في مسرحية صلاح عبد الصبور “مسافر ليل” والتي نال عنها جائزة أفضل ممثل بالمهرجان القومي للمسرح عام 2018.

ابتدع قوقة منهجاً في التمثيل أطلق عليه اسم ” الممثل الحرفي” أو ” technician actor” وأكد في أكثر من مرة أنه يعد من أنسب المناهج اتباعاً للمثل المسرحي.

التكرار اليومي

يقول:  شغل الممثل في المسرح يستوجب عليه التكرار اليومي الذي يفرض عليه، خاصة لو كان هناك مشاهد عنيفة أو عاطفية، إفرازات تؤثر بشكل مباشر عليه، وبتكرار ليالي العروض يقل العمر الافتراضي للممثل، لأن الأدرينالين يرتفع في في الغضب والخوف وكذلك ضغط الدم إضافة إلى سرعة ضربات القلب، وهذه النتائج مع التكرار اليومي للعروض، تتسبب في مشاكل صحية للمثل. كان هذا سبباً رئيسياً في تصوري لأن يكون الممثل فني أو مهني، وهذا يتطلب مجهوداً أعلى في العمل على حرفية الممثل لأنه سيحتاج إلى ضبط مشاعره ومراقبة نفسه وهو يبحث عن لحظة الصدق حتى يكررها دون أن ينغمس في الشخصية، وبالتالي لا تكون هناك معاناة أثناء تكرار الدور يومياً، فالممثل الفني إيهامي، إنما الممثل المتقمص أو المعايش يرتدي ثوب الشخصية وهنا تكمن الخطورة.

ثلاثة أضرار

ما هي خطورة التمثيل بالتقمص؟

لقد قمت بدراسة كبيرة حللت فيها الأمر من زاوية الفنانين من رجال المسرح على مستوى العالم، وكذلك من زاوية الطب النفسي والطب الفيزيقي ووصلت إلى أن التمثيل بالتقمص له أضرار ثلاثة؛ نفسية وصحية، إضافة إلى الأضرار الفنية، فمعظم الذين يمثلون بالتقمص لا يستطيعون العمل في المسرح، لأنه لا يستطيع ضبط أدائه بنفس الصدق كل يوم، وتتحكم فيه أهواؤه الشخصية سواء سعيداً أو حزيناً، ومن الممكن أن ينجح في أداء بعض المشاهد في يوم ولا ينجح في تأديتها نفسها في اليوم التالي، ودعونا نتخيل لو لدينا عمل مسرحي يمثل فيه ستة أبطال بالتقمص كيف ستكون النتيجة؟ بالطبع فوضى كبيرة. لكن في السينما أو التلفزيون يمكن استخدام التقمص لأن الممثل يؤدي المشهد مرة واحدة ولا يعود إليه مرة أخرى.

لحظة الابداع

  • في الحياة أنت تلعب أدواراً متعددة أيضاً، فأنت أستاذ التمثيل الأكاديمي وأنت الممثل وأنت الإنسان الذي يتفاعل مع مفردات الحياة العادية؟ هل هناك نقاط تشابه بين الأدوار الثلاثة أم أن لكل شخصية مواصفات مختلفة تجعلك تتنقل بينها طوال الوقت؟

أعتقد أن أدواري الثلاثة في الحياة متكاملة وتؤثر في بعضها البعض ولا يمكنني الفصل بينها، فلا يمكن لإنسان تقليدي غير متجدد في حياته العادية أن يكون أستاذاً أكاديمياً متطوراً والعكس صحيح، أما شخصية الممثل فأنا عندما أكون على خشبة المسرح أركز تماماً في الدور ولا ألتفت لأي شئ آخر يمكنه أن يبعدني عن لحظة الإبداع، لكن شخصية الممثل في رأيي تتكامل مع الأكاديمي فما أدرسه لطلابي في معهد الفنون المسرحية أطبقه كممثل، والتدريبات التي أدرب الطلاب عليها تطور أدائي أيضاً.

  • ما هو الدور الذي تفتقده في حياتك العادية؟

سؤال صعب جداً لا أجد له إجابة

خانتني توقعاتي

  • حصلت على جائزة أفضل ممثل أربع مرات في المهرجان القومي للمسرح المصري، هذا غير الجوائز الأخرى، وذكرت أنك كنت متوقعاً ترشيحك عن  دور عامل التذاكر في “مسافر ليل” هل تتوقع الفوز في كل مرة تحصل فيها على جائزة؟

ليس في كل مرة فقد خانتني توقعاتي مع مسرحية “يوم أن قتلوا الغناء” فلم يتم حتى ترشيحي لجائزة أفضل ممثل، بل لم يتم ذكر اسمي من قريب أو من بعيد.

  • هل أحبطك هذا؟

في النهاية هذا رأي لجنة التحكيم وهو رأي خاص بها، لكن أنا بداخلي شعرت بالغبن لأن من فاز بالجائزة لم يكن يستحقها، وبعيداً عني كان هناك ممثلون آخرون يستحقون الفوز.

  • وهل يعني ذلك أن هناك أدوار تلعبها لا تتوقع لها أي جوائز أو حتى تصعيد؟

أحياناً يكون الدور حلو لكنه ليس دوراً للجوائز، فمثلاً دوري في مسافر ليل، دور جوائز، إما أن أحصل على الجائزة أو لا أحصل عليها، فهو دور محوري أو رئيسي، لكن هناك أدوار أخرى تعجبني وألعبها ولا أهتم بموضوع الجوائز.

  • هل يمكن أن تقبل دوراً لمجرد التواجد أو العمل؟

من الصعب جداً ان أقوم بذلك في المسرح الآن، فأنا أحب أن أستمتع المتعة الكاملة وبالتالي لا أختار سوى الأدوار المحورية، فالأدوار الثانية لم تعد مشبعة بالنسبة لي وهذا منذ مسرحية “تحت التهديد” التي فزت عنها بجائزة أفضل ممثل أيضاً عام 2009.

المعيار الحقيقي

  • أنت على المسرح أشبه بملك الغابة ولكن أشعر دائماً بأن هناك شيئاً مفقوداً بجاذيبتك في الدراما التلفزيونية؟

لأن المخرج في الدراما التلفزيونية او السينما هو الذي يختار الكادر الذي سيراه الجمهور، وهذا ما يجعل تلك الجاذبية التي تتحدثين عنها تخبو قليلاً، ولذلك فإن الممثل يكون في قمة قدرته على العطاء على المسرح، فالمسرح أبو الفنون وهو المعيار الحقيقي للمثل، فالفيديو والسينما صناعة لكن المسرح هو الإبداع الحقيقي.

  • إذا لماذا يحتاج ممثل المسرح للعمل في الفيديو والسينما، رغم أن هناك تخصص فني في الخارج مثلاً؟

المشكلة إن الثانية في الفيديو تحديداً تصل إلى ملايين، إنما المسرح حتى لو قدمت مائة ليلة عرض فأنا لن يشاهدني سوى آلاف، وللأسف رجل المسرح في مصر والعالم العربي لا يأخذ مكانته الحقيقية التي يستحقها.

الثلاثية المفقودة

  • وما هي في رأيك العناصر التي يفتقدها المسرح المصري أو العربي بشكل عام؟

محتاج إلى دراما جيدة تعالج قضايا تمس مجتمعاتنا فعلاً، إضافة إلى التركيز على الإعلان والتسويق فلا يوجد شيئ ناجح بدون تسويق الآن، هذا غير أننا نحتاج إلى نشر ثقافة المسرح بين الأطفال لتأسيس أجيال جديدة من الجمهور المعتاد على متابعة المسرحيات.

  • مثلت مسرحية “أضرار التبغ” باللغة الإيطالية من قبل فلما لم تستمر؟

لقد ذهبت إلى إيطاليا في منحة دراسية لمدة ثمانية أشهر، وقد تعلمت وأجدت اللغة في خمسة شهور فقط وقدمت هذه المسرحية التي مثلت تجربة ممتعة جداً بالنسبة لي، لكنني كان يجب أن أعود لمصر لارتباطي بعملي كأستاذ في الأكاديمية.

  • هل الإيطالية أم العربية أقرب لقلبك كممثل؟

العربية بالطبع فهي لغتي الأم وهي اللغة التي أستخدمها باستمرار في عملي.

  • أنت أستاذ للتمثيل والإخراج بمعهد الفنون المسرحية ولكنك لا تخرج أعمالاً مسرحية خارج المعهد.. لماذا؟

أنا أفضل التمثل على الإخراج لأن مهمتي فيه جزئية وتسمح لي القيام بأعمال أخرى، إنما في الإخراج سأكون مهموماً بكل تفاصيل العمل الفني حتى الدعاية والأفيشات والتي تشتمل الكثير من الصراعات مثل صراعات الممثلين على أولوية الأسماء على الأفيش، وانا في الحقيقة أفضل الهدوء على كل هذا الصداع، إضافة إلى أنني أعشق مواجهة الجمهور والتمثيل له الأولوية داخلي.

  • هل تتدخل في عمل المخرج بحكم خبرتك في المجال؟

أقول رأيي لو سمح المخرج بذلك، لكن لو رؤية المخرج ستضر بالعمل الفني أفضل الانسحاب تحديداً لو ذهب في طريق فني ضعيف يؤثر على مكانتي في التمثيل.

  • خلال الشهور الماضية كنت تمثل دورين مختلفين في مسرحيتي “حدث في بلاد السعادة، ومسافر ليل” في نفس الوقت، وقد تحدث بعض النقاد على أن أداءك في مسافر ليل أعلى من المسرحية الأخرى.. ما تعليقك؟

كان ذلك رأي اثنين من النقاد فقط، ولكني أعترف ان مستوايا أعلى في مسافر ليل، لأن قماشة الدور مختلفة وطبيعة العرض أيضاً مختلفة، فأنت تتحدثين عن نص لصلاح عبد الصبور يقوم ببطولته ثلاث ممثلين فقط، وشخصية عامل التذاكر تتميز بفرادة لا تضاهى بأي شخصية أخرى وبالتالي أدائها يتطلب تفتيت للنص وإعادة صياغته بالصوت والصورة، ما يجعل لها نوعا من السيطرة التي من الصعب تكرارها في شخصية أخرى.

ممثل شرير

  • لماذا يراك الكثير من الناس شريراً؟

يمكن لأنني أقدم أدوار شر كثيرة ونادراً ما أمثل أدواراً خيرة، لكن طبائع الشر مختلفة واحاول في كل دور أقدمه أن أضفي عليه خفة الظل فلا يكون الشر مطلقاً، كما أعتقد أن ملامح وجهي تساعد على خلق هذا الانطباع في قلوب الناس، فلقد كان كمال النجار رحمه الله يقول لي؛ شكلك سوبر فيلين.

  • هل ورث واحد من أبنائك موهبتك في التمثيل؟

لدي ولدين هما كريم وأنس، وقد ورث أنس عني عشق الفن وهو يصحبني كثيراً إلى المسرح، كما انه بدأ مؤخراً الاشتراك في ورش التمثيل التي أقوم بالتدريس فيها.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق