شهرية ..مستقلة

في افتتاح المهرجان القومي للمسرح.. مناضل عنتر يكسر نمطية الأداء الراقص مع “الاستثنائي”

0

أمنية طلعت

يكسر مناضل عنتر مع عرضه “الاستثنائي” والذي قُدم على خشبة المسرح الكبير ضمن فقرات حفل افتتاح المهرجان القومي للمسرح، الإطار الحركي الذي ظل يعمل داخله لسنوات طويلة والذي لم يختلف عمن سبقوه في مدرسة الرقص المعاصر التي بدأت في مصر على يد وليد عوني.

في “الاستثنائي” يدخل مناضل في تجربة حركية جديدة تنتمي لموجة الرقص الحديث في العالم والذي دخل بالجسد إلى مناحي شديدة التعقيد في التعبير الحركي، تتطلب الكثير من القدرات الجسدية والتدريبات الشاقة على الرقص، وهو ما أستطيع أن أقول أن “الاستثنائي” وضع قدم مستقبل الرقص التعبيري في مصر على أول عتباته.

داخل علبة حديدية أو زنزانة على شكل علبة تدور أحداث العرض، حيث نشاهد مجموعة من الراقصين يجسدون محاولات الخروج من داخل هذه العلبة، للتعبير عن فكرة الاختلاف، فالمختلف هو من يشذ عن القاعدة دائماً ويخرج عن إطارها الخانق ليقدم الأفكار الجديدة ويعبر بحرية ويكسر القوالب التقليدية، ليدفع قاطرة الحياة نحو المستقبل.

نحن نشاهد طوال الوقت الراقصين وهم في محاولات دائمة للخروج من هذه العلبة أو القفص الحديدي ذو الأبواب المنتشرة على جوانبه، لكنهم يعودون داخلها مرة أخرى، أو يصعد بعضهم فوقها ليشاهد ما يدور في الأسفل من صراع في محاولة متعسرة للتعبير.

في ظني أن هذه العلبة ترمز لمسرح العلبة الإيطالية، الذي يحاول الفنانون طوال الوقت كسر قوالبه وهدم حائطه الرابع الوهمي الذي يفصل بين الفنانين والجمهور، ولذلك فكل المجددين في المسرح، قدموا أشكالاً مختلفة للفضاء المسرحي، حاولوا فيها تذويب الحواجز الفاصلة بين الممثل والجمهور، ليتحول الجمهور إلى شريك متورط في اللعبة المسرحية.

وقد اعتمد مهندس الديكور عمرو الأشرف على فكرة التجهيز في الفراغ، حيث لا يوجد ديكور اعتيادي للعمل، فقد قام بتصميم قفص حديدي كما ذكرت، ليجسد نمط التجهيز في الفراغ والذي يعتمد على وضع شخصيات أو عناصر مادية توضح وتعبر عن المعنى.

اعتمد مناضل عنتر في هذا العرض نوعاً مختلفاً من أنواع الرقص، يمكن أن نطلق عليه “رقص الشوارع” أو الـ Street Dance والذي يجمع عدداً من أنواع الرقص المختلفة مثل الباليه والبريك دانس والهيب هوب وغيرها بأساليب تعبيرية حركية أكثر جرأة وحدة، وهذا النوع من الرقص يحتاج إلى مستوى حركي عالي جداً لا يتوفر في مصر حتى بين المحترفين، ولذلك كانت المفاجأة أن نشاهد هذا المستوى العالي من الأداء الحركي مقارنة بما هو سائد لدينا، بحيث يشكل خطوة أولى أو بداية قوية في هذا الطريق، أتمنى أن تتطور لتبلغ المستويات العالمية التي حطمت جميع المقاييس السابقة في قوة الأداء الحركي الراقص.

يسقط مناضل اسم “الاستثنائي” على الفنان، الذي لا يقبل نمطية الحياة بل يسعى دائماً إلى قلب الجمود على رأسه، فهو لا يستطيع العيش في مكان مليئ بالأنماط المتكررة ولذلك فهو يكسر القوالب دائماً مهما كلفه الأمر من تضحيات وأحزان.

عرض “الاستثنائي” يعيد مناضل عنتر إلى الساحة الإبداعية المسرحية من جديد، بعد أن خلع عنه جلده البالي وارتدي ثياباً أدائية عصرية تحاكي لغة الحاضر في العالم أجمع.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق