شهرية ..مستقلة

الحماية الدستورية لحرية الإعلام بين النص والتطبيق

0

د. علاء أبوعقيل

دكتوراة في القانون الدستوري

أرست المواد الخاصه بحرية الرأي والتعبير وحريه الاعلام وتنظيم مؤسساته أسس وقواعد من شأنها دعم حرية الاعلام حيث بلغت مجموعة المواد بدستور 2014 نحو خمس عشرة مادة ، ترسخ جميعها لحماية الرأى والإبداع والصحافة والطباعة والنشر واحترام الأمن القومى للبلاد ومقومات المجتمع المصرى وحقوق الأخرين

وأنه لما كانت حرية الاعلام تمثل ركنا ركينا من اركان حرية الرأي والتعبير بل ومن المقومات الفعلية للديمقراطية الحقة ، وهى مبادئ وقواعد مقررة فى أى تنظيم ديمقراطى،إذ غدت كفالة تلك الحرية من الأصول الدستورية الثابتة في كل بلد ديمقراطي, لأنها تكفل تبادل الآراء وتفاعلها ، ومن خلالها يتم تلقى أو تبادل المعلومات أو الأفكار ، فهى قيمة عليا لا تنفصل عن الديمقراطية ، وعلى ضوئها تنمو الشخصية الفردية وتسهم فى الحياة العامة ،

وقد استبان من خلال نصوص دستور 2014 الحالي عدة نقاط نذكر منها ،ان الدستور قد كفل حرية الاعلام كأصل عام وان اصدار الصحف يكون بمجرد الاخطار وكفل انشاء وتملك محطات البث الاذاعي والمرئي والصحف الالكترونية وفقا للاجراءات التي ينظمها القانون ، كما قرر الدستور قاعدة عامة مؤداها ان المعلومات والاحصاءات والوثائق الرسمية “ملك للشعب “وليست ملكا لسلطة او جهة وهو ما يفيد بعدم جواز حرمان الشعب من الوقوف علي الحقيقة بكل شفافية  وكذلك مد النص الدستوري حمايتة لحرية تداول المعلومات والحصول عليها ليس للاعلاميين فقط بل يستغرق المواطنين كافة  ولم يقف علي ذلك انما جعل توفيرها بشفافية “التزاما” علي عاتق الدولة ذاتها وجرم حجبه

الا انه من يتصور أن اطلاق حق الرأى والتعبير فى الاعلام .. اطلاقاً بغير قيود .. يهددون حرية الاعلام ذاته ، ويناقضون مبدأ مسئوليته أو مساءلته ، وهو المبدأ المقرر الذى لا تختلف عليه المبادئ والمواثيق الدولية التى تعمل على رعاية حرية الإعلام ، وهى قيم عليا لا تنفصل عن مبادئ الديمقراطية وقواعدها .

ولعل ما شاهدناه ونشاهده هذه الايام من تجاوزات ازدادت ضراوة ، حتى شهد بذلك رجال الصحافة والإعلام أنفسهم ، أسفاً وتضرراً ، واحساساً بالخطر على حرية الصحافة والإعلام ذاتها ، ففي الآونة الأخيرة بدأ البعض يسيء استخدام الحرية الاعلامية المتاحة ، فرغم الآفاق الواعدة لوسائل الإعلام الجديد- المقروء او السمعي والمرئي او الانترنت- في سرعة الوصول والتواصل ونقل الاخبار والأفكار والآراء الجادة، لكن البعض قد أساء استخدامها وأصبحت منافذ مقلقة ومهددة للأفراد والمؤسسات والهيئات والصالح العام ، من خلال نشر معلومات مضللة تتعمد إهانة أو إساءة شخصيات في الدولة،وقد تبلغ الإساءة حد التأثير الهائل علي المؤسسات الاقتصادية لدرجة تؤدي الي انهيارها الأمر الذي يؤدي إلى عواقب وخيمة تضر بالصالح العام، ويثير علامات استفهام وتساؤلات مشروعة حول حرية الإعلام والتعرض لخصوصيات الآخرين، وحدود المسئولية والمساءلة والعقوبات المطلوبة. ولهذا وجبت العناية بالحرية والمسئولية فى مجال الاعلام ، للإحاطة والتنبيه ودق ناقوس الخطر ،  حيث ان تنظيم المسئولية عن تجاوز حدود الحرية الاعلامية ولاسيما في الإعلام الجديد بات ضرورة عاجلة، ويجب ألا يفهم منه أنه تقييد للحريات أو تكميم للأفواه طالما كان في حدود القانون ، وإنما هو يهدف الي حماية الأشخاص والمجتمع والصالح العام، وحتى لا يصبح الإعلام قوة من دون مسئولية, كما يجب التأكيد على أهمية تضافر جميع الجهود الفردية والمجتمعية نحو نشر ثقافة الوعي بالمسئولية والمحاسبة تجاه استخدام وسائل الإعلام الحديثة ، حتى لا تتحول الأخطاء التي نظنها صغيرة إلى مشاكل وكوارث كبيرة، إذا تجاوزنا عنها ولم نسارع بإصلاحها في الوقت المناسب ومحاسبة ومعاقبة المتسببين فيها.

ومن خلال ماسبق طرحه يجب التأكيد علي ان الحماية الدستورية المقررة لحرية وسائل الاعلام لا يعني بالمرة اطلاق تلك الحرية بلا ضوابط او انها عصية علي التنظيم التشريعي ذلك لان لكل حرية من الحريات حد يحدها والا صارت ممارسة حرية الاعلام نوعا من العبث والفوضي كما انه ان كانت الحرية حقا فإن لكل حق او حرية علي الجانب الاخر واجبا وحدا يحدها ويضبط ممارستها ويتمثل ذلك الحد فيما يتمتع به الافراد او المجتمع من حقوق مماثلة ومحمية دستورياكذلك , بما يستوجب احترامها وعدم الاعتداء عليها او انتهاكها.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق