شهرية ..مستقلة

رسالة‭ ‬إلي‭ ‬إيران

0

عبد العظيم الباسل

في صيف عام 1984، كنا بالبحرين حين حكم القضاء المصري بعودة حزب الوفد لممارسة العمل السياسي، بعد قرار رئاسي كان قد صدر بتعطيل الأحزاب في أواخر عصر السادات.

يومها، كتبت افتتاحية مجلة «صدي الأسبوع» البحرينية التي كنت أعمل بها مع شقيق دربي في الحياة والمهنة العزيز عاصم رشوان، وكانت الافتتاحية تحت عنوان «صفقوا للقضاء المصري» الذي أكد استقلاله وشموخه بهذا الحكم التاريخي الذي عكس بوضوح ديمقراطية مصر التي ستظل رغم ما تموج به  من مشكلات اقتصادية وسكانية واجتماعية، ستظل شعلة مضيئة وراية خفاقة بين شقيقاتها من الدول العربية، يتأثرون بها ويحذون حذوها ولو بعد حين من الزمان.

أثارت تلك الافتتاحية المسئولين في المنامة إلي حد توجيه اللوم لنا بسبب إشادتنا بالديمقراطية في مصر، والإسقاط ـ دون أن ندري ـ علي الممارسة السياسية بالبحرين التي كانت في ذلك الوقت ـ قبل 40 عاما ـ مقيدة بتقاليد يصعب القفز عليها أو زحزحتها ولو بإشارة علي استحياء!

تداعي في الذاكرة هذا المشهد القديم، وأنا أتابع الانتخابات البرلمانية والبلدية في دولة البحرين التي جرت خلال الشهر الفائت، وأعلنت نتائجها في الفاتح من ديسمبر الحالي.

هذه الانتخابات التي تنافس فيها 396 مرشحا علي 40 مقعدا بالبرلمان، وأكثر من مائة مرشح علي 30 كرسيا بالبلديات ـ المحليات ـ، كان بينهم 49 سيدة يخضن السباق للمرة الأولي.

واللافت للنظر في تلك الانتخابات، التي بلغت ذروتها في التنظيم والإعداد وطريقة الاقتراح بنزاهة وشفافية في ظل إلتزام السلطة الحاكمة بالوقوف علي مسافة واحدة من جميع المرشحين فلم تنحز لتيار علي حساب الآخر، بل تركت الصراع علي أشده بحيادية تامة مكنت المرأة من التفوق علي الرجل في دوائر بعينها، وفي دوائر أخري حسمت لمصلحة حواء بالتزكية.

ساعد علي ذلك، وأكده ارتفاع وعي المواطن البحريني الذي انحاز  إلي مشروع الاصلاح الملكي بقيادة ملك البحرين   حمد بن عيسي  آل خليفة بعد حله جمعية الوفاق المناهضة للإصلاح، واختار المنهج الديمقراطي ممارسة وسلوكا ضد محاولة التدخل الإيراني بمده الشيعي لإفساد المناخ الديمقراطي في تلك المملكة الواعدة.

تجسد ذلك بوضوح في شكل تدخل إيران لإفساد الانتخابات البحرينية بوسائل شيعية تجاوزت 40 ألف رسالة إلكترونية تدعو إلي مقاطعة الانتخابات من ناحية، ومن الأخري تشكك في نزاهتها لضرب العملية الانتخابية برمتها.

ورغم تلك المعوقات، أعلن البحرينيون رفضهم لها، بإقبالهم الكثيف علي صناديق الاقتراع، مسجلين أعلي نسبة تصويت في تاريخ المملكة بلغت 67٪ بعد أن كانت لا تتجاوز 53٪ في الانتخابات السابقة، ليبعثوا برسالة إلي طهران تؤكد خيارهم الإصلاحي، وانحيازهم الكامل لما تتخذه قيادتهم لمصلحة البلاد تعزيزا للثقة التي تربط بين الشعب والحاكم، وتأكيدا للممارسة الديمقراطية باعتبارها خيارهم الوحيد لرفعة شئون البلاد وازدهارها.

والأهم من هذا وذاك، هو رفضهم القاطع للتدخل في شئون بلادهم تحت أي ستار حتي لو كان عباءة دينية.

هنيئا للبحرين بديمقراطيتها الواعدة. وأهلا بشعلة الحرية التي بددت ظلام العقول هنا أو هناك.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق