شهرية ..مستقلة

حكاية عائلة فنية جداً: حاتم أحب فاطمة وتزوجها على خشبة المسرح

0

أجرى الحوار: أمنية طلعت

عملنا الجنرال الخاص بالمسرحية في يوم الدخلة.. وذهبنا للمسرح بملابس الزفاف..وكان الافتتاح  في أول يوم زواج !

المسرح عشقنا الأصيل..وكل من أخلص مات مديونا؟

فاطمة: أنا الممثلة والمطربة الوحيدة في المسرح المصري ..والبديل ابنتي حبيبة

وقعنا في الحب مع “رجل القلعة”.. وخطبني في مسرحية “الميلاد” ..وتزوجنا أثناء عرض “يا مسافر وحدك” !

بعد انتهاء ليلة عرض “سعدة ومرعي”دخلت في آلام المخاض..وعدت الى المسرح بعد الولادة بعشرة أيام فقط

حبيبة لعبت دوري .. وفرح مثلت أمامي في “الطوق والأسورة”

أصبح من النادر الآن مقابلة حالة فنية شاملة، تعصف بجوانحك عند الاقتراب منها، فالفن الآن في أغلبه أو في صورته الأكثر رواجاً أشبه بملهى ليلي كبير يبيع متعة سريعة وزائلة ولا تترك سوى آثاراً مخربة للمشاعر الإنسانية الراقية. فأن تعثر على منزل فني بأكمله أمر أصبح من النوادر، وأن تعثر على منزل يعتنق الفن الأصيل والحقيقي منهجاً وهدفاً أسمى في الحياة، ويتحمل كل ضغوط الحياة من أجل مبادئه أصبح من المستحيلات.

لذلك كانت مقابلة عائلة المؤلف الموسيقي والملحن حاتم عزت وزوجته الممثلة والمطربة فاطمة محمد علي بمثابة حدث سعيد لكل من يقدر الفن الرصين، ولم يقتصر الأمر على حاتم وفاطمة فقط بل شمل أيضاً ابنتيهما حبيبة وفرح اللتين تدرسان الغناء في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة واشتركا بالفعل في بعض الأعمال المسرحية.

حالة من الغناء والحب شملت لقائي بهما في منزلهما المفعم بالفن، بدأها حاتم مؤكداً أن القدر وحده هو السبب في تأسيس هذه العائلة؟

……

يقول: كنت منتهياً لتوي من فترة تجنيدي بالجيش، وقابلت الملحن جمال عطية، الذي دعاني للمشاركة في عرض “رجل القلعة” للمخرج الكبير ناصر عبد المنعم عام 1994، ورأيت فاطمة في بروفات المسرحية فوقعت في حبها من أول نظرة، كان كلينا يخطو خطواته الأولى في الفن وفي الحياة عموماً لكننا لم نحسب أي حسابات …وتزوجنا.

تقاطع فاطمة حاتم قائلة: قصة حبي وحاتم حدثت كلها في مسارح مصر (تبتسم) فلقد وقعنا في الحب مع “رجل القلعة”، وخطبني في مسرحية “الميلاد” للفنان الغالي والصديق خالد صالح رحمه الله، فقد أحضر لي الشبكة في المسرح وبعدها كتبنا كتابنا، كان ذلك عام 1996، ثم تزوجنا عام 1998 أثناء عرض “يا مسافر وحدك” للفنان الكبير نور الشريف رحمه الله.

يضحك حاتم وهو يتذكر هذه اللحظات ويقول:” عملنا الجنرال الخاص بالمسرحية في نفس يوم دخلتنا، وذهبنا المسرح بملابس الزفاف، ثم ذهبنا لافتتاح المسرحية في أول يوم زواج لنا”، تنظر فاطمة إلى حاتم وهي تستدعي الأحداث من ذاكرتها وتقول له:” أتتذكر كيف هربنا من الضيوف الذين حضروا إلى المنزل لتهنئتنا؟”، فيرد عليها حاتم:” طبعاً أتذكر، كنا ملتزمين بموعد العرض فهربنا من الضيوف وجرينا لنلحق بالافتتاح”.

حبيبة تستعد للحياة

يعترف كل من حاتم وفاطمة أن الإنجاب المبكر لابنتيهما عطلهما كثيراً عن مسيرتهما الفنية، لكنهما مع مرور السنين تأكدا أن البنتين هما أكبر نجاح حققاه في حياتهما، تقول فاطمة:” في أول توقف لعرض “يا مسافر وحدك” شاركنا في عرض “شفيقة ومتولي” الذي لعبت بطولته الفنانة حنان ترك، وفي أحد الأيام استضافتنا حنان على أكلة سمك، فلم أستطع الاقتراب منه وتقززت من رائحته، فذهبت لتحضر قطعة جبنة قديمة وقالت لي: “كلي دي يا وحيمة”.. كانت المرة الأولى التي أسمع فيها هذا التعبير فلم أفهمها فقالت لي أنني حامل، فنفيت تماماً ولكني تأكدت من حملي بعد ذلك ..وجاءت حبيبة إلى الدنيا!

حياة حاتم وفاطمة مليئة بالأحداث المرتبطة بالمسرح، فقد دخلت في آلام المخاض بعد أن أنهت ليلة عرض لمسرحية باسم “سعدة ومرعي”، واضطر القائمون على المسرحية إلى إيقاف عرضها حتى عودتها، وبالفعل عادت بعد عشرة أيام، تقول فاطمة: كان صعباً جداً أن أنزل إلى العمل بينما عمر حبيبة عشرة أيام، ولكني أحترم عملي وأعشقه ،ولذلك عدت إلى العرض وحبيبة كما يقولون قطعة لحم حمراء على يدي.

هل ظلم الفن حبيبة ورحمة أم ظلمت الفتاتان طريق والديهما الفني، يقول حاتم: بالطبع إنجابنا المبكر لابنتينا جعلنا نركز على جني المال ،فالكل يعرف أن المسرح لا يحقق أرباحاً مادية حقيقية للعاملين فيه، ولذلك اضطررنا في أوقات كثيرة للخضوع لآليات العمل الروتيني من أجل تربية الفتاتين وتوفير حياة كريمة لهما، لكننا الآن – وبعد مرور السنين- لا نشعر بالندم لأن البنتين أصبحتا شابتين ونحن مازلنا في قمة قدرتنا على العطاء وأكثر نضجاً أيضاً ويمكننا اللحاق بما فاتنا.

مشاجرات فنية

لحن حاتم كثيراً من أغاني فاطمة التي تقدمها في المسرحيات أو غيرها، وهو ما أثار الكثير من الخلافات بينهما، فهل انسحب الخلاف الفني على الحياة الزوجية؟ يقول حاتم: نحن لا نعتبر أنفسنا زوجاً وزوجة اعتياديين، فنحن شركاء في الحياة بشكل كامل، يجمعنا بيت واحد ونفس المجال العملي، وعلاقتنا الزوجية ممتزجة بالعلاقة الفنية بشكل كبير لدرجة أننا لا نفرق بينهما، وهذا لا ينفي الخلاف طبيعياً فرؤية الملحن تكون أشمل من رؤية المطرب ،فالمطرب رؤيته ترتبط بشكل كبير بالجمهور.

تتدخل فاطمة في الحديث فتقول: أنا مطربة أشعر دائماً بالقلق تجاه تقبل الناس للأغنية كما أنني دائماً لا أشعر بالإعجاب بنفسي وأنشد الأفضل طوال الوقت، وهذا ما يدخلني في مشاحنات مع حاتم أثناء تلحينه للعمل الذي سأقدمه، وكثيراً ما رفضت ألحاناً له.

يبتسم حاتم بهدوء ويقول لها: لكن لا تنسي أنني قادر على إقناعك ..وفي النهاية تكتشفي أن رؤيتي كانت صحيحة.. تبتسم فاطمة بشقاوة وهي تنظر لحاتم بحب وتقول: حقيقي … دائماً ما يتضح لي أنه كان على حق والجمهور يعجب بالأغاني.

هل تمتد المشاجرات الفنية إلى البنتين بما أنهما انخرطا في نفس العمل؟

تقول فاطمة: بيتنا مليئ بالموسيقى فنحن نغني وحاتم يعزف موسيقى طوال الوقت، وطوال الوقت نعدل على بعضنا البعض في النغمات والطبقات ونتهم بعض بالتنشيز، وبالتالي نتشاجر ولكن كلها مشاجرات لذيذة تجعلنا نضحك.

حبيبة وفرح

ورغم معاناة حاتم وفاطمة في مشوارهما الفني، إلا أنهما سمحا لابنتيهما “حبيبة وفرح” بأن يدخلا نفس المجال، وهو ما دعاني للتساؤل عن السبب؟ يقول حاتم:لم نسمح لهما بشئ ..فالحقيقة أننا لم نتمنى أن تسير البنتان في نفس هذا الطريق الشاق، ولكن ظهرت الموهبة عليهما منذ طفولتهما المبكرة وكان من الصعب تجاهل الأمر أو حرمانهما مما يحبان ،فهذا أسلوب تربية خاطئ، ولكن ما فعلناه هو أننا وجهناهما نحو الدراسة الأكاديمية ،وهو ما لم يتحقق لنا، وهذا سيوفر عليهما الكثير من المشقة ،فنحن لم يساعدنا أهلنا على تنمية موهبتنا أو الدراسة ،وأعتقد أن هذا سيشكل فارقاُ كبيراً بالنسبة لهما.

فاطمة: الدراسة في سن مبكرة مهمة وهو ما افتقدناه نحن وسعينا إليه بأنفسنا عندما تأكدنا من موهبتنا في بداية شبابنا، وعموماً نحن قدمنا لهما العلم في البيت وأكاديمياً، أما كيف ستشقان طريقهما فهذا أمر متروك لهما، والحمد الله حبيبة وفرح حققا الكثير من النجاح بالنسبة لسنهما، كما أن حبيبة في السنة الثالثة من معهد الموسيقى العربية وفرح في السنة الأولى.

يتدخل حاتم في الحديث ويقول: أنا وفاطمة اخترنا طريق المعاناة، وأعني بذلك المسرح، فلقد تركنا المسرح ثلاث سنوات فقط للعمل في السوق كي نشتري شقة وسيارة ولكننا لم نستطع أن نكمل في هذا الطريق فعدنا للمسرح ..ومعروف أن كل من عشق المسرح في العالم كله مات مديوناً (يضحك).

تكتسي ملامح فاطمة بالعتاب وهي تنظر لحاتم وتقول: إن شاء الله لن نموت مديونين.

ممثلة ومطربة

وتمثل فاطمة محمد علي حالة فنية فريدة على خشبات المسرح المصري وربما العربي أيضاً فهي مطربة وممثلة محترفة وموهبتها فريدة من نوعها، حيث تغني فتحلق مع صوتها إلى السماء وتمثل فتندمج معها كلياً وعن ذلك تقول:لم أستطع أن أفصل بين عشقي للغناء وعشقي للتمثيل، وظلت المغنية تتنازع مع المطربة فترة طويلة، لكني في النهاية قررت أن أخلص لكليهما داخلي والحمد لله حققت نجاحاً كممثلة ومطربة في نفس الوقت وجمعت بين الاثنين في أغلب أعمالي الفنية وكان آخرها مسرحية “جدث في بلاد السعادة” للمخرج مازن الغرباوي ومسرحية “الطوق والأسورة” للمخرج ناصر عبد المنعم.

أخذت حبيبة ابنة حاتم وفاطمة دور أمها في مسرحية “حدث في بلاد السعادة” مؤخراً، وقدمت فاطمة ابنتها على صفحات التواصل الاجتماعي وقالت أنها تقدم دورها في المسرحية بطريقة أفضل منها، تقول فاطمة عن ذلك: حبيبة تغني مثلي تماماً، وكأن الله أخذ قطعة من صوتي ومنحها لها، فلقد كانت تواجهني دائماً مشكلة، أنه لا يوجد بديل لي، فالمسرح في مصر لا يوجد به ممثلة ومطربة في نفس الوقت، والآن عندما واجهتني مشكلة السفر إلى المغرب باعتباري كبير أخصائيي الفنون في جامعة الشمس، وطلب مني مخرج “حدث في بلاد السعادة” أن أوفر بديلا لي، وفي الحقيقة لم تأت حبيبة على بالي، لكن مازن سألني عنها، فتنبهت إلى انها من الممكن أن تكون البديل المناسب لي، وبالفعل سألتها ووافقت وكانت فرحة كبيرة لي وأنا أرى ابنتي تقف مكاني على المسرح ،وبالفعل تفوقت في الأمر رغم انها المرة الأولى لها على خشبة المسرح، ولأول مرة تمثل مع الغناء.

وهنا يتدخل حاتم في الكلام ويقول: أنا أرى أن دور زليخة والراوية في مسرحية “حدث في بلاد السعادة” مناسب لحبيبة أكثر من فاطمة، لأن حجم فاطمة الفني أكبر بكثير من هذه المسرحية، خاصة بعد أن تم تقليص واختزال دورها لحسابات غير مفهومة.

وتؤكد فاطمة الأمر: للأسف هذا حقيقي، لقد فوجئت باختزال دور زليخة إلى ثلاث مشاهد فقط في المسرحية في ليلة الجنرال قبل العرض بيوم واحد، ولم أرغب في التسبب في أي بلبلة وقدمت العرض، وحتى الآن لم أحصل على إجابة لما حدث؟

عائلة الجوائز

يعرض حاتم عزت الآن مسرحية “صحينا يا سينا” على مسرح الأمير طاز بالقاهرة، وتنتظر فاطمة عودة عرض مسرحية “الطوق والأسورة” التي تشارك فيها معها ابنتها الصغرى فرح، وعن توقعاتهما بحصولهما على جوائز مسرحية قريباً تُضاف إلى ما حصداه من قبل يقول حاتم: بالطبع أتمنى أن أحصل على جائزة جديدة، خاصة أنني اعمل على عدد من العروض الآن إضافة إلى “صحينا يا سينا” التي تُعرض بالفعل، لكني سعيد بالطبع بما حققته من قبل، خاصة جائزة أفضل موسيقى عن عرض “شمشون ودليلة” عام 2016 م من مهرجان المسرح العربي، وجائزة أفضل موسيقى أيضاً من المهرجان القومي للمسرح عام 2015م عن عرض “روح”، وهو نفس العرض الذي حصلت فيه فاطمة على جائزة أفضل ممثلة من نفس المهرجان.

فاطمة تقول: أنا أيضاً حصلت عام 2014 م على جائزة أفضل ممثلة عن عرض “طقوس الموت والحياة”، هذا غير العديد من الجوائز التي حصلنا عليها أنا وحاتم من مهرجانات الجامعات المسرحية في مصر وخارجها.

حبيبة وفرح فخورتان بوالديهما وبمشوارهما الفني، كما تؤمنان بأهمية أن تكون للفن رسالة راقية، تقول حبيبة: كان أبي وأمي ومازالا الإلهام الأول لي، ولقد أحببت الفن منهما، فلولاهما ما كنت استطعت تنمية موهبتي وصقلها بالعلم، ويكفيني فخراً أنني أقف على خشبة المسرح الآن مكان أمي في واحدة من أنجح المسرحيات في السوق وهي “حدث في بلاد السعادة”…

أما فرح فهي تمثل الفرحة والضحكة فعلاً، فهي تقول ضاحكة: أنا لا أدري ما الذي كان من الممكن أن أفعله سوى أن أكون فنانة أيضاً، وأنا سعيدة جداً بوالدي وأكثر شئ مبهج بالنسبة لي عندما مثلت مع أمي في “الطوق والأسورة” فكانت ترشدني وتصحح لي أخطائي، وأول شئ فعلته بعد انتهاء أول ليلة عرض أثناء مهرجان المسرح التجريبي الماضي، أن جريت عليها وسألتها إن كنت أديت دوري جيداً.

كانت هذه اللحظات مهيبة بالفعل، فقد كنت ضمن المشاهدين للعرض، وانبهرت بأداء فاطمة العبقري، فجريت نحوها بعد انتهاء العرض فكانت تبكي بشدة على إثر اندماجها الشديد بدور “حزينة”، وعندما احتضنتها وأنا أبكي معها وجدتها تقول:”بنتي .. بنتي يا أمنية عملت إيه”، لتتركني وتجري نحو فرح وتأخذها بالحضن ولم تهتم أبداً باقبال الجمهور عليها بل كانت منشغلة بتقديم فرح للناس وهي فخورة.

تقول فاطمة: لم أكن أتخيل أبداً أن أمنح دوري لأخرى برضا، ولكني رأيت حبيبة أفضل مني في دور زليخة، ولم أكن أتخيل أبداً أن أهتم بأداء زميلة أخرى معي في عمل كما اهتممت بفرح في مسرحية “الطوق والأسورة”، فقد بذلت مجهوداً مضاعفاً في ليلة العرض الأولى لأنني كنت مندمجة في دوري  أراقب فرح لأطمن على حسن أدائها لدورها خاصة وأنها كانت المرة الأولى لها في عمل احترافي.

تركت حاتم وفاطمة وابنتيهما تغمرني حالة من الامتلاء والرضا، فكما ذكرت سابقاً من الصعب أن تعثر على عائلة فنية بهذا الرقي في هذا الزمن.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق