شهرية ..مستقلة

عندما زفّ عبدالوهاب نفسه!

0

بقلم – محمد علي إبراهيم

نعرف عن عبدالوهاب الموسيقار العظيم أنه بخيل .. وكذلك يخشي ركوب الطائرات .. ويخاف علي صوته من البرد والزكام والانفلونزا .. وهو عاني من “الوسوسة” لدرجة أنه كان يغسل الصابونة!

سأكتب هنا عن جوانب أخري عن الملحن الشهير الذي عاش بأذنيه لأنه كان ضعيف النظر .. وتصرف بعقله رغم أنه لم ينل قسطاً كافياً من التعليم .. من ثم صادق السياسيين  والفلاسفة ورجال الدين والأدباء والصحفيين .. رأيي الشخصي أنه أفضل من “اقتبس” من الموسيقي الغربية! أما الموهبة الحقيقية فكان بليغ حمدي الذي لم يأخذ حظه من الشهرة لأنه كان “بوهيمي” لا يهتم بمظهره أو بنقوده ، والدليل علي عبقريته أنه لحن لأم كلثوم وعمره ٢٩ عاما .. ولم يضبط قط متلبسا بسرقة لحن .. غير أن عبدالوهاب قاسي في حياته مرتين الأولي عندما هاجمه التابعي والثانية عندما تزوج بدون فرح وفرقة موسيقية وراقصات .. ظل حتي وفاته يذكر الحادثتين بأسي..

في أوائل الستينيات بدأ الأستاذ محمد التابعي رائد الصحافة الحديثة سلسلة مقالات طويلة عن عبدالوهاب عنوانها “فنان حرامي” وتدور عن أن موسيقار الأجيال اقتبس كل ألحانه من الشرق والغرب .. وجامل تلامذة التابعي في “آخر ساعة” رائدهم وتطوعوا للكتابة ضد “عُبد” .. وظهرت نظريات عن الاقتباس المشروع” ونظيره “غير المشروع” .. المهم أن عبدالوهاب لجأ لأصدقائه الصحفيين ليدافعوا عنه فجاملوا أستاذهم ورفضوا باستثناء أنيس منصور الذي تصدي لمناظرة التابعي وكتب مقالاً شهيراً اعتبره البعض تجاوزا في حق الصحافة لكن ثبت أن رأي أنيس كان صحيحاً في مقاله والذي خلص فيه الي  “إن ما يكتبه محمد التابعي يهم بعض القراء ، أما الذين يتذوقون الغناء والطرب فلهم طلب واحد وهو أن  يقدم لهم محمد التابعي ألحاناً بصوته لا تتأثر بالشرق أو الغرب”..

وهكذا ماتت الحملة ضد الموسيقار وعاشت ألحانه .. مجدداً ومبدعاً ومقتبساً  في توليفة نعجب بها أو نختلف عليها ، لكنه لا يزال عبدالوهاب..

لا يعرف كثيرون أن محمد عبدالوهاب تزوج السيدة نهلة القدسي – رحمها الله – في مصيف بلودان بسوريا .. وهي سورية الأصل تزوجها عبدالوهاب حتي وفاته وهي زوجته الثالثة وكانت قبله زوجة لزيد الرفاعي أشهر رؤساء وزراء الأردن وأم عمر الرفاعي السفير الأردني بالقاهرة قبل فترة..

أرادت نهلة أن يكون الزواج في بلدها الأصلي منتهزة فرصة أن عبدالوهاب يقضي أجازته الصيفية هناك .. زواج مفاجئ .. لم يكن هناك مدعون أو فرقة أو راقصة .. طلبت الزواج منه ووافق .. لبست فستان عروسة ولم ترتد “طرحة” وتقدمت عبدالوهاب وأحد أصدقائه إلي الفندق الذي سيقضيان فيه أيام شهر العسل الأولي .. نظر إليها وشعر بالأسي الذي اكتسي وجهها .. تتزوج أكبر موسيقار في الشرق الأوسط “في السر” .. بذكائه لمح عبدالوهاب صينيات شاي موضوعه علي مقاهي أمام الفندق .. بسرعة التقط صينية وأعطي لصديقه الأخري وطفق ينقر علي الصينية و يغني لعروسه اتمخطري يا حلوة يا زينة .. يا وردة من جوه جنينة..

نظرت نهلة له وقالت زفة “فقايري” .. ورد رحمه الله هذه زفة لا تقدر بمال .. العريس هو الأوركسترا والمطرب وقارع الطبول .. انظري حولك .. الجماهير جاءت تتفرج علي من تزوجها عبدالوهاب ويغني لها بعيداً عن الأفلام .. أول امرأة أغني لامرأة في الواقع .. إيه رأيك؟

ضحكت وقالت “عروسة وغلطت!” وأطلق عبدالوهاب ضحكته الشهيرة “ها ها ها”!

رحم الله الجميع..

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق