شهرية ..مستقلة

هل يعيش الإنسان الحديث أكثر من مائة عام؟!

0

تحقيق: د. ضاحي النجار

ساعة النهاية تدق منذ الولادة.. واكتشاف “تيليوميروس” يحمل الامل في اكسير الشباب الدائم؟

د.الطماوي:الحزن يعني انهيار جهاز المناعة.. وتصدع السدود الواقية التى تحمى من الأمراض؟

د.السكري: الحفاظ على شباب الخلايا يتطلب غذاء مهضوما مؤكسدا ينتقل اليها بالكميات والمعدلات المطلوبة

فوائد الرياضة البدنية تشمل الجهاز المناعي والصحة النفسية و مقاومة الآثار السلبية للشيخوخة

استخدام المواد الكيميائية فى الحقول ووصولها إلى الخضروات والفاكهة كفيل بأن يدخل الإنسان مرحلة الشيخوخة المبكرة؟!

برامج للتنظيف الذاتي تمارس نشاطها داخل مليارات الخلايا لااراديا..وخلايا “ملفات الذاكرة” خارج دائرة التجديد؟

لماذا ينحدرالناس إلى نهاية العمر؟..ولماذا يصرح العلماء بأن متوسط عمر الإنسان سيرتفع إلى 120 عاما بعد أن كان 40 عاما فقط في أربعينيات القرن الماضي ؟

ثورة جديدة في أبحاث الشيخوخة وعلوم الحفاظ على الشباب يشهدها العالم!

في خلايا الكائنات نهايات كان يعتقد أنها زوائد بلا معنى تحيط بالخلايا. اكتشف العلماء أن الخلايا عندما تنقسم يقل حجم تلك الزوائد.وتظل يتناقص حتى تنتهى.وعندها تتوقف الخلايا عن التجدد أو تصاب مع كل انقسام جديد بتشوهات وتظهر أعراض الشيخوخة والسرطانات والأمراض.

وعندما منحت لجنة نوبل جائزة الطب لعام 2009 م للدارسين الأمريكيين اليزابيث بلاكبرن وكارول غريدر وجاك شوستاك مكافأة على أعمالهم على أنزيم التيلوميريز. أوضحت أن التيلوميريز يحمي الكروموزومات (الصبغيات التي تحمل المكونات الوراثية) واعتبرت اكتشاف هذا الانزيم مفتاح التعرف على سر الشباب؟!

بيان نوبل وقتها يقول أن جائزة نوبل للطب تمنح لثلاثة علماء وجدوا حلا لمشكلة كبيرة في علم الأحياء، وهي كيف يمكن نقل الصفات الوراثية خلال الانقسام الخلوي؟ وكيف يتم حمايتها من الاضمحلال؟ وأنهم برهنوا على أن الفضل يكمن في تلك الزوائد الموجودة في نهايات الصبغيات المعروفة باسم “التيلوميرات”،والتي أضافت بعدا جديدا إلى فهمنا للخلايا وألقت الضوء على آليات حدوث الأمراض، وكانت حافزا وراء تطوير الأدوية .

…..

الشيخوخة الخلوية

كلمة ” تيلومير ” مأخوذ من الكلمة اليونانية  Telos المرادفة لكلمة  نهاية ” end” ، ومن كلمة meros  المرادفة لكلمة ” جزء ” Part .

“التيلومير” إذن هى ” القطعة الطرفية ” التى توجد عند طرفى كل كروموزوم . ويحلو للبعض تمثيل التيلومير بالحلقة المعدنية الصغيرة التى تثبت عند طرف الحذاء لتحميه من التلف ،فالتيلومير يحمى كذلك طرف الكروموزوم ويصونه من الأذى .

نجح العلماء بعدها فى تحديد التركيب الدقيق للتيلوميرات لدى الإنسان والكثير من الحيوانات والنباتات بل ولدى الميكروبات.

وعلى سبيل المثال تحتوى” القطعة الطرفية ” لكروموزوم الإنسان على  نصف شفرة  بلا معنى من “كلمة ” مكونة من تتابع هو TTAGGG ، متكررة ألفى مرة ،الا أن أحداً ممن ساهم فى التعرف على هذا التركيب لا يتخيل مطلقاً أن هذا اللغو الممل الذى يبدو بلا معنى يمكن أن يعبر بدقة عن ساعة الشيخوخة التى تؤرق الإنسان . ولنبدأ القصة من بدايتها ..

……

شيخوخة الأبدان

لاحظ البيولوجيون منذ زمن إن الإنزيمات التى تقوم بمضاعفة الd n a  أثناء عملية الانقسام الخلوى لا تستطيع نسخ الكروموزومات الطولية على مدى طولها حتى الأطراف، بل إنها تترك دوماً فى كل دورة تضاعف منطقة صغيرة عند النهاية – قطعة من التيلومير- من دون نسخ .

ثم ماذا؟ يحدث حقاً فى كل مرة ينسخ فيها الكروموزوم نفسه أن يحذف جزء من التيلومير؟

هذا صحيح .. وهو يعنى ببساطة أن التيلومير لابد أن يتآكل مع توالى السنين وعمليات الانقسام ،وبالتدريج يقل فى أجسامنا طوله بمعدل يقارب واحداً وثلاثين “حرفاً” فى العام ،وأكثر من ذلك فى بعض الأنسجة،على أن المهم هو أن التيلوميرات بمجرد أن “تتقاصر” إلى درجة معينة فإن أحداثاً مأساوية ستحدث بالخلية يكون من شأنها إيقاف الانقسام الخلوى تماماً ومن ثم تبدأ الدخول فى طور الشيخوخة والانهيار!!

أصبح واضحاً الآن أن تقاصر التيلومير هو السبب الفعال فى إصابة الخلايا بالشيخوخة وموتها ، ولكن هل هذا هو السبب فى شيخوخة الأبدان ؟

مؤشرات علمية تدعم على نحو أو آخر هذا الرأى وتوثقه. فالسلاحف مثلا تعمر أطول من الإنسان ـ لأنها تمتلك تيلوميرات أطول مما لدينا بكثير ،كما أن هناك مؤشرا أخر يتمثل بالفروق الفردية فى طول العمر بين إنسان وأخر .. فهذه أيضاً تشير إلى وجود فروق فى أطوال التيلومير.

أكسير الخلود

آلية عمل الماكينة الكيموحيوية التى تنسخ المواصفات الوراثية  ال  dna أثناء عملية الانقسام الخلوى ليس بوسعها أن تعمل من دون أن تحذف جزءاً من التيلومير مما يفضى إلى تآكله بالتدريج ،وما لم تمتلك الخلية ماكينة كيموحيوية للتعويض فإن صاحبها ذاهب للشيخوخة والموت لا محالة .

ولا يحدث تعويض إلا فى حضرة الإنزيم البانى للأطراف  ” التيلوميريز ” Telomerase ، فهذا الإنزيم المعجز  هو الذى يمكنه ترميم الأطراف البالية للكروموزومات وإعادة تطويل التيلوميرات ،وهو يسلك فى الخلايا كأنه أكسير الحياة الخالدة . فلولاه فى الكائنات الدقيقة وحيدة الخلية لكانت قد اندثرت منذ أمد بعيد . ولولاه لما حازت هذه المخلوقات حياة الخلود. ولما كان بمقدورها مواصلة الانقسام .

هذا كله صحيح …ولكن هل نعثر للتيلوميريز على أى دور فى جسم الإنسان ؟

من المثير للدهشة أن الخلايا الجنينية – فيما قبل مرحلة التمايز الخلوى – تصنع إنزيم التيلوميريز بصورة روتينية وآليه مع قدرتها على التكاثر السريع والانقسام ،ولكن ما أن يكتمل تكوين الجنين حتى يتم كبت وإيقاف تشغيل الجينات التى تصنعه فى كل أنسجته فيما عدا أنسجة معدودة ..ويشبه تأثير إيقاف تشغيل جينات التيلوميريز بأنه البداية لعمل ساعة توقيت حياة الإنسان فتحصى التيلوميرات بدءا من هذه اللحظة عدد الانقسامات فى كل خط من الخلايا، وعند نقطة معينة تصل الخلايا إلى أقصى  ما حدد لها ، وتدعى إلى السكون..ولقد حاول بعض الباحثين حفز الخلايا على مواصلة الانقسام فأخذوا عدداً منها وأضافوا إليها صانعات التيلوميريز وزرعوا الخلايا فى مستنبت معملى وراحوا يراقبون؟؟

كانت دهشتهم حينما وجدوا أن الخلايا راحت تنقسم وتنقسم بلا هوادة ،وعلى نحو نشيط مفعم بالحيوية والشباب، ولعلها مازالت فى أطباق الزرع تعيش حتى اليوم دون أن تشيخ..أوليس هذا برهاناً على إمكانيات جبارة للإنزيم  تبدو بلا حدود !!

الخلود .. للجنس والسرطان

خلايانا إذن غير خالدة لأنها تفتقر بالفعل إلى إنزيم التيلوميريز . ولا يوجد الإنزيم سوى فى الخلايا التى تتطلب ديمومة غير عادية . ولأجل ذلك فهو يوجد فى خلايا النسيج التكاثرى “التناسلى” Germ-line cells – مثل الطلائع الأولية للحيوانات المنوية والبويضات – وهذا هو الذى يحافظ على ديمومة النوع فى كافة الكائنات عديدة الخلايا ،وهى وحدها التى نجحت فى ألا تبدأ قط فى تشغيل ساعة توقيت الموت، أى أنها لم توقف تشغيل الجينات صانعات التيلوميريز .

ولكن ألا يوجد أنزيم الخلود فى أنواع خلوية أخرى بالأبدان ؟

الإجابة :نعم ..لأنه يوجد بوفرة فى الخلايا السرطانية المدمرة ،فهي فى الأصل خلايا عادية أوقفت تشغيل الجينات الصانعة منذ مرحلة الجنين ، وتمكنت للأسف من إعادة تشغيلها مرة أخرى . ولهذا فإن هذه الخلايا المشوشة قوية جدا لا تفقد تيلوميراتها أبدا، بل أنها تعكف أولاً بأول على إنقاذ تيلوميراتها المتقاصره والمحافظة عليها مما يغذى  نزعتها فى الانقسام على نحو غير محدود ..وذلك هو الخلود المرعب !!

هذا السيناريو يشير إلى بعض جوانب الحكمة من وراء فقدان خلايانا إنزيم الخلود، وفقدانها القدرة الدائمة على الانقسام..فلعل هذه الآلية العجيبة فى الخلق لا تستهدف بالضرورة جعلنا هرمين بقدر ما تستهدف حمايتنا من السرطان اللعين “…” نعم لقد أصبح كل شئ واضحاً فنفس الآلية التى تستطيع مساعدتنا فى مقاومة السرطان هى التى تحول دون إطالة حياة الإنسان .

الشيخوخة المبرمجة ؟

ثمة سؤال ظل يلح على عقول العلماء زمناً طويلاً: هل الشيخوخة الطبيعية مبرمجة فى جيناتنا ومحكومة بساعة بيولوجية محددة التوقيت داخل خلايانا أم أنها ناتجة عن عمليات الهدم التى تصيب خلايانا نتيجة التعرض لما يحيط بها وبنا من بيئة فيزيقية ؟

الحقيقة أن توالى الحاجة إلى إجراء عمليات الترميم لابد أن يستهلك طول التيلومير، وأن يجعل الخلايا بلغة التيلومير “مسنة ” أكثر مما تكون عليه عند غياب عوامل الخطر البيئية.

من المحتمل إذن أن الشيخوخة المبكرة التى تباغت البعض قبل الأوان لا تعود بالدرجة الأولى إلى وراثة تيلوميرات قصيرة من الآباء بقدر ما تعود إلى التلف الناتج عن العوامل البيئية التى تحفز إنتاج المزيد من الشقوق الحرة Free radicals المؤذية .

الرياضة

لا تقتصر فوائد الرياضة البدنية على تقوية العضلات وتنشيط اعضاء الجسم والدورة الدموية فقط، بل تمتد آثارها الإيجابية لتشمل الجهاز المناعي والصحة النفسية والقدرة الذاتية على مقاومة الآثار السلبية للشيخوخة وتأخير ظهور معالمها.

والرياضة المطلوبة هي الرياضة النشطة المكثفة بحيث يمارسها الانسان خمس او ست مرات في الاسبوع لمدة ساعة في المتوسط يومياً  ليشعر بالنشاط مع القدرة على التحمل، كما ينبغي عدم الاقلال من الانشطة الرياضية، وانما المحافظة الجادة عليها والانتظام في أدائها، واعطائها حقها الكافي ،فقد أشارت الأبحاث والتجارب الأخيرة إلى أن الانتظام في الرياضة يمنع تدهور التيلوميريس Telomeres ويحافظ على حيويتها.

القدر..والمكتوب

الشيخوخة طريق متصل بمرحلة الشباب، فكما يقول الدكتور بهاء السكرى – استاذ علم وظائف الأعضاء بطب الأزهر- أن الحياة طريق واحد متصل، لا تتغير معالمه فجأة، بل يتدرج ارتفاعاً وانخفاضاً وضيقاً واتساعاً على مر السنين، فقد يلاحظ الإنسان تغيراً قد ألم به، بينما يدرك من يراه ويراقبه عن بعد أو من يلاقيه فجأة بعد مضى فترة من عمره أن هناك شيئاً ما قد تناولته الأيام والليالى بالتغير والتبديل.

بهاء السكرى ينظر إلى الإنسان كمخلوق ربانى فكما خلقه المولى عز وجل كان من خلية واحدة نشأت من خلال اندماج بويضة من الأم وحيوان منوى من الأب . وبعد تكاثرها وانقسامها داخل رحم الأم تبدأ عملية التميز والتباين فى الخلايا.. لتبدأ مرحلة تكوين أعضاء جسد الإنسان المختلفة من عظام واحشاء وعضلات وعظام وجلد وحواس.

وعلى الرغم من تزايد عدد خلايا الجسم أثناء النمو داخل الرحم ألا أن كل خلية من خلاياه تحمل الصفات الوراثية الأساسية التى احتوتها الخلية الأولى التى بدأت منها رحلة الانقسام الطويلة، وهذا الميراث مشاركة بين الأب والأم بنسبة 50% لكل منهما..

الملفت للنظر أن الخلية الأولى تمتلك فى نواتها الأولى – والتى تعتبر بمثابة عقلها المفكر- خريطة مفصلة للصفات التى ستحملها كل خلية من خلايا الكائن الجديد..فعندما تبدأ الخلية الأولى فى الأنقسام تحمل كل خلية جديدة نسخة مطابقة تماماً للخريطة الأولى، وبالتالى تحتفظ الخلايا جميعها بالصفات الوراثية الأساسية التى تجعل لكل إنسان شخصيته المتفردة والمتميزة، والتى لا يتشابه فيها أى مخلوق مع مخلوق آخر.. إلا فى حالة التوأم الذى نشأ من انقسام الخلية الأولى نفسها..

يضيف د. بهاء أنه من المذهل حقاً أن لهذه الخريطة الأولى الموروثة من الأب والأم الأثر البالغ على الإنسان ليس فقط فى تحديد طوله ووزنه ولون جلده وشعره وعينيه وشكل أنفه وأذنيه وفمه واصابع يديه وقدميه.. بل أيضا فى تحديد كيمياء جسمه وسرعة التفاعلات ومعدلاتها داخل خلاياه وانسجته، ويحتشد هذا التأثير ليشمل عمر هذه الخلايا واحتمالات المرض وبالتالى عمر الإنسان؟..فالعمر – أعنى عمر الإنسان – إذن قدر مكتوب لا دخل للإنسان فيه.. كما أنه ليس له دخل فى اختيار ميراثه الذى تلقاه من أمه وأبيه…

د.بهاء يشير إلى وجود ساعة بيولوجية بالإنسان تسمى الساعة الخلوية توجد فى كل نواه بالخلية تبدأ بالعلم مع أولى لحظات بدء حياتها،وهو يؤكد أن الخلية الجسدية تتلف حيث تتأثر خلايا الجسم بتغييرات الوسط المحيط بها.. لكن الجسم يبذل جهدا كبير فى المحاولة من أجل بقاء الخلية فى وضع المحافظة على ثبات الوسط الداخلى المحيط بالخلايا بحيث لا تمثل وظائفها .. لكن الإنسان ككل يتأثر بتغيير الوسط الخارجى المحيط به.. فيظل يكافح جاهداً من أجل توقى ما يحيط به من أخطار تأتيه من الخارج قدر ما يكدح من أجل الحفاظ على ثبات واستقرار جسمه الداخلى.

وهو يؤكد أن توقف رد فعل خلايا الجسم البشرى يتوقف على مقدار ما تتعرض له من تغييرات ومؤثرات ،فإذا كان التغير جسيما تعرضت الخلايا للتلف والموت، وإذا كان التغير أقل فى وظائفها وبعد زوال المؤثر قد تعود الخلايا إلى حالتها الطبيعية وقد لا تعود.

وعلى مر الزمن.. يحدث تغيير وتأثير للخلية ينبع من عوامل خارجية بالدرجة الأولى، ومنها نقص الطاقة،وعندما تقل مصادر الطاقة التى تغذي الخلايا أو عندما تبذل جهداً أكبر من الطاقة المتاحة لها حيث من الضروري حصول هذه الخلايا على الطاقة – مثل الجلوكوز والأحماض الأمينية والدهنية – لكن تدريجيا يقل وصول هذه المواد للخلايا عن طريق الدم..!

شباب الخلية

إذن ما المطلوب كى يحافظ الإنسان على حيويته وشبابه وشباب الخلية؟

يقول د.بهاء السكري : هذا يقتضي ضرورة توافر عدة أمور ،أولها توافر الغذاء المهضوم ، وثانياً توافر الأوكسجين اللازم لأكسدة الغذاء ، وثالثا سرعة نقل الغذاء والأوكسجين إلى الخلايا بالكميات والمعدلات المطلوبة عن طريق الجهاز الدورى – القلب والأوعية الدموية – لسهولة انتشار الغذاء والأوكجسين ونفاذهما إلى داخل الخلايا عن طريق الشعيرات الدموية والجدران الخلوية دون وجود عائق ،وأى خلل فى حلقة من حلقاتها قد يؤثر على انتاج الخلية من الطاقة ،وبالتالى الدخول إلى عالم آخر من علامات الشيخوخة.

واذا أراد الإنسان أن يعيش حياة جميلة خالية من عجز الخلية ،وبالتالى هرم الجسد البشرى ،فإن هناك أشياء ضرورية يجب أن يقوم بها منها البعد تماماً عن المواد الكيميائية  فليس كل ما يتناوله الإنسان من الطعام غذاء .. وليس كل ما يتعاطاه من عقاقير دواء،كما إن استخدام المواد الكيميائية فى الحقول ووصول هذه السموم إلى الخضروات والفاكهة وإلى الحيوانات لهو كفيل بأن يدخل الإنسان إلى مرحلة الشيخوخة المبكرة.

التيلومير..هل يعيد الصبا؟

يقول أ.د .أحمد عبداللطيف أبومدين – استاذ الباطنة والكبد المتفرع بطب القاهرة- أن هذه القضية كانت محلا للتساؤل والبحث بين لحظة وأخرى من جانب العلماء..فقد ثبت من خلال الدراسات الحديثة أن هناك العديد من الأسرار التي من أهمها برامج التنظيف الذاتى والتجديد الدورى المستمر عبر حياة الإنسان ،وتلك العمليات  أو البرامج تحدث دون أن ندرى؟!

التنظيف الذاتي الذى يحدث داخل مليارات المليارات من الخلايا المكونة للأنسجة التى تعد المسئولة عن تكوين اعضاء الجسم الإنسانى هى الوسيلة الأمثل لتنظيف جسم الإنسان من الداخل .

أما التجديد الدورى لجميع الخلايا ،فهو أحد أهم الوسائل لإعادة الحيوية للجسم ، حيث يحدث إعادة بناء خلايا جديدة لجميع أجهزة الجسم ما عدا خلايا الجهاز العصبى التى تحمل ملفات الذاكرة.

هذا التجديد يحدث تلقائيا دون أن نشعر واجباريا دون أى تدخل.. لأن كل خلية بالإنسان بها برنامج يعمل ذاتيا.

ومن خلال  الأبحاث الحديثة المتسارعة تبين أن الكروموزومات الحاملة للصفات الوراثية مغطاة فى نهايتها بغطاء يسمى “التيلومير” ومن اكتشفوا هذه الظاهرة نالوا جائزة نوبل.

فقد أثبت اكتشافهم العلمى أن اطراف الكروموزومات الستة والأربعين محمية بأغطية تحميها من التلاحم ببعضها. حيث يوجد فى نهاية الشريط الجينى (dna) بل وكل كروموزومات الخلايا رابط يمنع فقدان الأسس النووية التى تحمل الشفرات الجينية ،وهذا الرابط أو (التيلومير) يقصر فى كل انقسام تجديد للخلية، مما يجعله فى النهاية يندثر ..وبذلك تفقد الخلية بعض برامجها البيولوجية، وهذا بدوره يؤدى إلى ظهور أعراض الشيخوخة.

والمدهش العجيب فى تلك المنظومة أن التيلومير إذا وصل إلى أقل تقاصر ممكن، فإنه يوقف عملية تجديد الخلية تلقائيا، وهنا تصبح تلك العملية أى الخلايا أو الخلية بشكل عام مسنة.. ومن العجيب والغريب أنه وجد رغم ذلك أن ايقاف تقاصر التيلومير ذو فائدة كبيرة، فقد تبين أن استمرار انقسام الخلية مع التقاصر الصبغى للتيلومير يحول الخلية إلى خلية مسرطنة.

الخلية الحزينة؟

الأبحاث العلمية التى جرت منذ بضع سنوات – ومازال غيرها يجرى الآن على مكنون الخلية – تشير كما يؤكد د بهاء السكرى إلى أن خلايا الجسم تعانى عندما يتملك الحزن من نفس الإنسان – وكان هذا الأساس في بدء علم جديد يعرف باسم علم “المناعة العصبية النفسية”.

د محمد سليمان الطماوى – استاذ المخ والاعصاب بطب الأزهر والقاهرة- يقول : أن هذا العلم يدرس الآن لأن جهاز المناعة فى البدن يشمل كرات الدم البيضاء وخلايا أخرى تنتشر فى الجسم كى تلتهم الميكروبات وتكون أجساماً مضادة لها..وتلك الأشياء تعمل فى ترابط وثيق مع المخ البشرى وسائر أجزاء الجهاز العصبى.فإن أصاب الإنسان الحزن والأسى تأثرت تلك الدوائر المترابطة التى تعمل مع بعضها فى تناسق واحكام فينهار جهاز المناعة.. وتتصدع السدود الواقية التى تحمى الخلايا من المرض.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق